إن مواجهة قضية حيازة مخدرات بقصد التعاطي لأول مرة هو بلا شك تجربة تثير القلق والخوف من المستقبل، فأول ما قد يتبادر إلى ذهنك هو نص المادة (41) من نظام مكافحة المخدرات، وعقوبة السجن التي قد تصل إلى سنتين. لكن، هل تعلم أن كونها “المرة الأولى” يغير الكثير في موازين القضية؟
القضاة بالمملكة، ومن واقع خبرتنا العملية في شركة نوماس للمحاماة، ينظرون بعين الاعتبار إلى من ليس له سوابق، ويفتحون الباب واسعًا أمام فرص تخفيف عقوبة المخدرات أو حتى وقف تنفيذها بالكامل.
هذا الدليل مصمم خصيصًا لك، ليوضح لك العقوبات المقررة، العوامل التي تؤثر في الحكم، والأهم من ذلك، كيف يمكن أن يؤدي الدفاع النظامي الصحيح إلى أفضل نتيجة ممكنة في قضيتك.
أولًا: ما هي العقوبة النظامية لحيازة المخدرات بقصد التعاطي؟
بدايةً، من المهم معرفة الإطار النظامي العام، فالمادة (41) من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تحدد العقوبات التالية:
1. السجن: مدة تبدأ من (6) أشهر كحد أدنى، وتصل إلى (سنتين) كحد أقصى.
2. عقوبات تبعية:
- للسعودي: المنع من السفر خارج المملكة لمدة مماثلة لمدة السجن المحكوم بها، على ألا تقل عن سنتين.
- لغير السعودي: الإبعاد عن المملكة بعد تنفيذ العقوبة.
ولكن، هذه هي الصورة العامة؛ لكون السلطة التقديرية للقاضي، خاصة في حكم أول سابقة مخدرات، تلعب الدور الأكبر في تحديد العقوبة النهائية.
ثانيًا: لماذا “المرة الأولى” تهم القاضي؟ عوامل التخفيف والتشديد
عندما ينظر القاضي في قضيتك، فإنه لا يطبق النص النظامي بشكل آلي، بل يأخذ في الحسبان عدة عوامل لتحديد العقوبة المناسبة، وكونك متهمًا لأول مرة هو أهم هذه العوامل.
1. عدم وجود سوابق (أهم عامل إيجابي)
هذا هو مفتاح القضية، فعندما يكون سجل المتهم نظيفًا، فإن المحكمة تميل إلى منحه فرصة لإصلاح حاله، معتبرةً أن ما حدث هو أمر عارض ولن يتكرر.
وهذا ليس مجرد رأي أو ممارسة، بل هو مبدأ قضائي راسخ ومُلزِم صادر عن المحكمة العليا في المبدأ رقم (1617)، والذي نص على أنه:
“إذا أقر المدعى عليه بضبط المخدرات في سيارته…، ولم يكن لديه سوابق فهذا سبب معتبر للنزول عن العقوبة الأشد إلى ما دونها” (ك ع): (64/1/3)، (26/3/1437).
ماذا يعني هذا المبدأ لك عمليًا؟
هذا المبدأ ليس مجرد نص له قوة نظامية، بل هو بمثابة “ضوء أخضر” يمنحه المُنظِم للقاضي ليكون رحيمًا، ويعني عمليًا أن المحامي المتخصص يمكنه الاستناد إلى هذا المبدأ ليطالب بثقة بواحد أو أكثر مما يلي:
- النزول عن الحد الأدنى للعقوبة: أي الحكم بأقل من (6) أشهر سجن.
- وقف تنفيذ العقوبة بالكامل: أي أن يصدر الحكم بالسجن ولكن لا يتم تنفيذه (السجن مع إيقاف التنفيذ).
- الاكتفاء بعقوبة مخففة جدًا: مثل الحكم بأيام معدودة أو الاكتفاء بالتعهد بعدم العودة أو الاكتفاء بما أمضاه المتهم في التوقيف على ذمة القضية.
وعليه؛ فإن وجود هذا المبدأ القضائي يحول طلب التخفيف من مجرد “رجاء” إلى “حق نظامي” يمكن المطالبة به بقوة؛ إذا سُردت اعتباراته ومسوغاته بالشكل المناسب.
2. نوع المادة المخدرة وكميتها
تختلف نظرة القاضي باختلاف خطورة المادة وكميتها:
- نوع المخدر: يعتبر النظام مواد مثل (الشبو) والإمفيتامين أشد خطورة من الحشيش أو القات، وقد يكون التخفيف في حالتها أصعب، مقارنةً بباقي المواد التي يكون فيها فرص التخفيف مرتفعةً.
- الكمية المضبوطة: كلما كانت الكمية قليلة وتدل بوضوح على الاستخدام الشخصي فقط، كانت فرصة التخفيف أكبر.
3. ظروف ضبط القضية
هل كان هناك تعاون مع رجال الضبط؟ أم كانت هناك مقاومة؟ هل أبدى المتهم ندمه؟ كل هذه الظروف تؤثر في قناعة القاضي وتساعده في تكوين صورة كاملة عن القضية.
وهكذا؛ فإن “عدم وجود سوابق” ليس هو العامل الوحيد الذي ينظر إليه القاضي، بل هناك العديد من الظروف الأخرى التي يمكن أن تساهم في تخفيف الحكم بشكل كبير.
لمعرفة كل هذه العوامل بالتفصيل، اقرأ دليلنا الشامل عن: [دليل التخفيف: (8) أسباب لتخفيف عقوبة المخدرات في السعودية]
ثالثًا: ما هي النتائج الواقعية التي يمكن تحقيقها في قضايا “المرة الأولى”؟
هنا تكمن أهمية الدفاع القانوني المحترف؛ إذ بناءً على دفاع قوي يركز على ظروفك كمتهم لأول مرة، يمكن تحقيق نتائج أفضل بكثير من العقوبة بحدها الأقصى.
1. إمكانية الحكم بأقل من الحد الأدنى
من واقع القضايا التي باشرناها، وطالما أن القضية هي المرة الأولى للمتهم، ففي غالب الأحوال ومع تقديم دفاع قوي، فإن القاضي ينزل عن الحد الأدنى (6 أشهر).
تجربة واقعية: في قضايا باشرناها في شركة نوماس للمحاماة، تحصلنا لعملائنا على أحكام مخففة بشهر واحد، مما يمثل فرقًا هائلًا في مستقبلهم، وإليكم صورة من تسبيب أحد تلك الأحكام، التي استندت إلى عدم وجود سوابق على المتهم:
2. وقف تنفيذ العقوبة: السجن مع إيقاف التنفيذ
هذه هي إحدى أهم الفرص المتاحة؛ إذ إن وقف التنفيذ في قضايا المخدرات يعني أن القاضي يصدر حكمًا بالسجن (مثلًا 6 أشهر) ولكنه يأمر بوقف تنفيذه، بمعنى أنك لن تدخل السجن، بشرط عدم ارتكاب أي جريمة أخرى خلال فترة المراقبة التي يحددها القاضي (تصل إلى ثلاث سنوات).
تجربة واقعية: في إحدى القضايا التي توليناها، صدر حكم ابتدائي بالسجن لمدة (6) أشهر، ولكن بفضل الله ثم بالتركيز على ظروف المتهم كونه أول سابقة، تمكنا من إقناع المحكمة بإصدار حكم بوقف تنفيذ كامل العقوبة، هذا يعني أن موكلنا لم يقضِ يومًا واحدًا في السجن.
قضيتك الأولى هي فرصتك الأهم
لقد رأيت كيف يمكن للدفاع القوي أن يؤدي إلى حكم مخفف أو حتى وقف تنفيذ العقوبة. الأمر يعتمد على تحديد كل العوامل الإيجابية في قضيتك، وليس فقط كونها “المرة الأولى”. اكتشف نقاط قوتك الآن.
جرّب أداة التقييم المجانيةرابعًا: أسئلة شائعة
1. هل يعني اتهامي لأول مرة أنني سأحصل على حكم مخفف تلقائيًا؟
لا، ليس تلقائيًا، بل يعتمد الأمر بشكل كامل على كيفية عرض قضيتك وتقديم الدفوع والاعتبارات الإنسانية للقاضي، فالدفاع القوي هو الذي يحول فرصة “المرة الأولى” إلى حكم مخفف.
2. هل يمكن الحصول على البراءة في قضية استخدام أول مرة؟
نعم، بالتأكيد؛ إذا توفرت أحد أسباب البراءة (مثل انتفاء القصد الجنائي أو عدم وجود أدلة كافية)، فإن البراءة تكون هي الهدف الأساسي، اقرأ دليلنا المفصل عن [أهم (5) أسباب للبراءة في قضايا المخدرات (مع أحكام قضائية)]
أول قضية لك؟ الخطوة الأولى هي الأهم.
إن مواجهة عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي لأول مرة هي موقف صعب، لكنه ليس نهاية الطريق، فإن النظام يمنحك فرصة، والمحاكم تنظر بعين الاعتبار لمن أخطأ للمرة الأولى، ولكن هذه الفرصة تحتاج إلى من يدافع عنها بذكاء وقوة.
لا تترك مستقبلك للصدفة؛ لكون الاستعانة بمحامٍ متخصص يفهم كيفية إبراز الجوانب الإيجابية في قضيتك وتقديمها للقاضي هو استثمارك الأهم في هذه المرحلة.
لمعرفة المزيد عن الإطار العام للعقوبات، يمكنك مراجعة [دليلنا الشامل في قضايا المخدرات في السعودية]
نحن في شركة نوماس للمحاماة مستعدون لتقديم دراسة أولية مجانية لقضيتك. تواصل معنا فورًا لنساعدك على فهم خياراتك وبناء أفضل استراتيجية دفاع ممكنة.
مقالات أخرى قد تهمك
1- كيفية كتابة مذكرة دفاع قوية في قضية حيازة مخدرات؟
2- عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي للمرة الثانية (فرص التخفيف)
3- التعاطي أم الحيازة؟ فهم الفروقات والعقوبات في قضايا المخدرات بالسعودية