البينة على من ادعى هي قاعدة راسخة يتبعها القاضي السعودي عند النظر في أي قضية معروضة أمامه؛ إذ لا يجوز للقاضي أن يحكم دون إثبات المدعي لدعواه، ويكون الإثبات بموجب البينة، فما هي البينة، ومن هو المدعي؟
هذا ما نبينه في مقالنا.
المادة الثانية من نظام الإثبات السعودي
تنص على أنه: “1- على المدعي أن يثبت ما يدعيه من حق، وللمدعى عليه نفيه…“، لقد قررت هذه المادة قاعدة أساسية في نظام الإثبات، تهدف إلى تنظيم عبء الإثبات بين أطراف الدعوى.
- المدعي: هو الطرف الذي يطالب لنفسه بحق تجاه غيره.
- المدعى عليه: هو الطرف الذي يطالب المدعي بحق عليه.
ومع ذلك، فإن تحديد المدعي والمدعى عليه لا يعتمد فقط على من أقام الدعوى ومن أقيمت عليه، بل يتم بناءً على مراكز الخصوم في الدعوى، والتي قد تتغير وفقًا لما يقدمه كل طرف من دفوع وأدلة.
عبء الإثبات وتنقله بين الخصوم
وفقًا لهذه القاعدة، يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف الأصل أو الظاهر، وهذا يعني أن عبء الإثبات قد يتناوب بين الخصوم تبعًا للادعاءات والأدلة المقدمة.
دور المحكمة في تنظيم عبء الإثبات
نصت المادة (4) من الأدلة الإجرائية على أن المحكمة، قبل بدء إجراءات الإثبات وطلب الأدلة، يجب أن تتحقق من مراكز الخصوم، وتحدد من يقع عليه عبء الإثبات. ذلك لضمان عدم اتخاذ إجراءات إثبات لا جدوى منها.
المادة الثالثة من نظام الإثبات السعودي
تنص على أنه: “1- البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر. 2- البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل. 3- البينة حجية متعدية، والإقرار حجة قاصرة. 4- الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان“.
المادة الثالثة من نظام الإثبات السعودي تحتوي على أربع قواعد أساسية تمثل المبادئ الكلية للإثبات، وهي تُبين من يتحمل عبء الإثبات وكيفية استخدام الوسائل الشرعية والقانونية لتقديم الأدلة وإثبات الحقوق.
وفيما يلي شرح وتوضيح كل قاعدة على حدة:
القاعدة الأولى: البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر.
البينة: كل ما يثبت الحق، ويشمل ذلك الشهادات، الوثائق، والأدلة الرقمية وغيرها.
اليمين: القسم الذي يؤديه الشخص لتأكيد صدق أقواله، ويُطلب عادة من المدعى عليه في حال عجز المدعي عن تقديم البينة.
2- تحديد عبء الإثبات:
يقع على المدعي عبء تقديم البينة؛ لأنه يدعي أمراً يخالف الأصل أو الظاهر.
اليمين تكون على المدعى عليه لأنه يتمسك بالأصل (مثل براءة الذمة من الدين) أو الظاهر (مثل الحيازة).
تحدد هذه القاعدة الطرف المسؤول عن الإثبات، مما يساعد على تنظيم الدعوى القضائية وضمان العدالة.
القاعدة الثانية: البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل.
المدعي مطالب بتقديم البينة لإثبات ادعاءاته، لأن ادعاءه يخالف الظاهر أو الوضع الحالي.
المدعى عليه يتمسك بالأصل أو الظاهر، ولذلك يُطلب منه أداء اليمين لتأكيد موقفه.
على سبيل المثال، إذا ادعى شخص أن له دينًا على آخر، فهو يخالف الأصل (براءة الذمة)، لذا عليه إثبات ادعائه بالبينة. وإذا لم يقدم المدعي بينة كافية، يُطلب من المدعى عليه اليمين لإبقاء الأصل (براءة الذمة).
القاعدة الثالثة: البينة حجة متعدية، والإقرار حجة قاصرة.
البينة: تُعتبر حجة متعدية لأنها تؤثر على أكثر من طرف؛ على سبيل المثال، إذا أثبتت الشهادة ملكية عقار، فإن الحكم الناتج يؤثر على جميع الأطراف المعنيين.
الإقرار: يُعد حجة قاصرة لأنه يُلزم المقر فقط. استثناء ذلك هو إقرار المورث، حيث يسري أثر الإقرار على الورثة باعتبارهم خلفاء المورث.
تطبيق القاعدة: إذا أقر شخص بدين عليه، فإن الإقرار يُلزم المقر فقط ولا يتعدى إلى غيره، إلا في حالات خاصة مثل إقرار المورث الذي يؤثر على الورثة.
القاعدة الرابعة: الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان.
معنى القاعدة: ما يتم إثباته بطرق الإثبات الشرعية أو القانونية (مثل الشهادة أو الوثائق) يُعتبر بقوة ما يتم رؤيته بالعين المجردة.
تطبيق القاعدة: إذا أثبت شخص حقه بشهادة موثوقة أو دليل رسمي، يُعامل هذا الإثبات كما لو كان مشاهدًا بالحواس، ولا يجوز إنكاره.
أهمية القاعدة: تؤكد هذه القاعدة أن أي دليل شرعي مثبت يُعتبر في قوته مثل رؤية الشيء بالعين، مما يمنح الأدلة قوة حاسمة.
موضوعات أخرى قد تهمك