من أولى التساؤلات التي تدور في ذهن أي شخص يتم القبض عليه في أي قضية كانت، هو التساؤل الآتي “هل من الممكن أن يتم الإفراج عني من قِبَل النيابة العامة قبل أن تُحال القضية إلى المحكمة ولو بكفالة؟”
ولقد أجابت المادة 120 من نظام الإجراءات الجزائية عن هذا التساؤل بوضوح، وهي محور مقالنا الحالي، الذي تناولنا فيه شرح الشروط والضوابط المُضمَنة في هذه المادة.
النص النظامي للمادة 120 من نظام الإجراءات الجزائية
تنص المادة (120) من نظام الإجراءات الجزائية، على أنه: “للمحقق الذي يتولى القضية، في أي وقت -سواء من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب المتهم- أن يأمر بالإفراج عن المتهم، إذا وجد أن توقيفه ليس له مسوغ، وأنه لا ضرر على التحقيق من إخلاء سبيله، ولا يُخشى هربه أو اختفاؤه، بشرط أن يتعهد المتهم بالحضور إذا طُلِبَ منه ذلك“.
شرح المادة 120 من نظام الإجراءات الجزائية
تُعني هذه المادة بتنظيم مسألة “الإفراج المؤقت” عن المتهمين من قِبَل النيابة العامة، حيث تمنح صلاحية للمحقق للإفراج عن المتهم إذا لم يكن هناك مبرر قانوني لاستمرار توقيفه، شريطة توافر بعض الشروط لضمان عدم تأثير الإفراج على سير التحقيق أو فرار المتهم.
فيما يلي شرح تفصيلي لكل شرط وحكم ورد في هذه المادة:
1- صدور الأمر من المحقق وليس المحكمة: المادة تضع صلاحية الإفراج المؤقت عن المتهم بيد المحقق المسؤول عن التحقيق وليس بيد المحكمة. فالمحقق هو الذي يكون له السلطة النظامية لاتخاذ هذا القرار خلال مراحل التحقيق، ولا يصدر المحقق هذا الأمر إلا حينما يطمئن إلى أن المتهم لا يُخشى هروبه أو اختفاؤه.
2- لا يشترط له وقت معين: تتيح المادة للمحقق إصدار أمر الإفراج المؤقت في أي وقت، سواءً في مرحلة التحقيق أو بعدها، مما يمنح المرونة للتصرف بناءً على الظروف المحيطة بكل قضية، دون التقيد بوقت معين للإفراج.
3- من تلقاء نفس المحقق أو بناءً على طلب من المتهم أو محاميه: يمكن للمحقق أن يقرر الإفراج عن المتهم بشكل مستقل، أو بناءً على طلب يقدمه المتهم أو محاميه. فهذه المادة تتيح للمتهم حق طلب الإفراج المؤقت إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك، ويتم تقديم الطلب للمُحقق.
4- شرط عدم وجود ضرر على التحقيق من الإفراج عن المتهم: يُشترط للإفراج عن المتهم عدم تأثير هذا الإفراج على مسار التحقيق؛ فإذا كان من الممكن أن يعرقل الإفراج سير التحقيق أو يؤثر على الأدلة والشهود، فإن الإفراج لن يتم، إذ يحق للمحقق رفض طلب الإفراج إذا ما استشعر أن له تأثير ضار على التحقيقات.
5- شرط التعهد بالحضور: يجب على المتهم أن يقدم تعهدًا رسميًا بالحضور إذا طلب منه ذلك بعد الإفراج المؤقت. وهذا التعهد يعد ضمانة قانونية تضمن عودة المتهم إلى الجلسات أو التحقيقات كلما طلب منه ذلك، وهذا الشرط قد قررته المادة (84) من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية، بما نصها: “إذا صدر أمر من المحقق بالإفراج المؤقت عن المتهم؛ فيجب أن يتعهد بالحضور إذا طُلب منه ذلك..“.
6- ألا تكون القضية أُحيلت للمحكمة: إذا تم تحويل القضية للمحكمة، فإن سلطة الإفراج تنتقل من المحقق إلى المحكمة نفسها، إعمالًا لما قررتهالمادة (123) من نظام الإجراءات الجزائية، بما نصها: “إذا أحيل المتهم إلى المحكمة يكون الإفراج عنه إذا كان موقوفًا.. من اختصاص المحكمة المحال إليها“.
7- شرط تعيين مكانًا للمتهم: يشترط على المتهم بعد الإفراج المؤقت أن يكون له مكان إقامة محدد في نطاق بلد المحكمة التي تجري التحقيق، وذلك لضمان سهولة الوصول إليه، وهذا ما نصت عليه المادة (84) من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية، بأنه: “إذا صدر أمر من المحقق بالإفراج المؤقت عن المتهم؛ فيجب… أن يعين مكانًا في بلد المحكمة التي يجري التحقيق في نطاق اختصاصها المكاني..“.
8- يشترط ألا تكون القضية من الجرائم الكبرى: في حال كانت القضية تتعلق بجرائم كبرى، فإن المادة (120) لا تتيح الإفراج المؤقت، إلا إذا كانت الأدلة غير كافية ضد المتهم، وتوضح هذا القيد المادة (83) من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية، ما نصها: “يشترط لإصدار أمر الإفراج المؤقت عن المتهم -المنصوص عليه في المادة (العشرين بعد المائة) من النظام- ألا تكون الأدلة كافية ضده في جريمة كبيرة“.