هل تأخر المستأجر في سداد الإيجار؟ قبل اتخاذ أي خطوة، هذا المقال يمنحك الخلاصة النهائية والإجراءات النظامية الصحيحة التي تحفظ حقك كمؤجر وتوضح التزاماتك كمستأجر، ستكتشف كيف يمنحك العقد الإلكتروني الموثّق القوة لفسخ العقد أو طلب الإخلاء مباشرةً عبر محكمة التنفيذ، وما هي الخطوات التي لا يمكن تجاوزها لضمان حل المشكلة بشكل نظامي وسريع، حتى لو غادر المستأجر العقار دون سداد.
أولًا: التزام المستأجر بسداد الأجرة
من المُسلَّم به أن المستأجِر ملتزم بدفْع الأجرة في موعدها المُحدَّد، بحيث لا يجوز له تأخيرها؛ فإن كانت الأجرة شهرية التزم بدفعها في كل شهر -في أوله أو آخره على حسب الاتفاق-، وإن كانت ربع سنوية أو نصف سنوية أو سنوية التزم بدفعها في موعدها، وإن كانت مُعجَّلةً التزَم بدفعها قبل تسلُّم العَين.
وللمؤجر الامتناع عن تسليمه العين المؤجرة حتى يتسلَّم الأجرة المُعجَّلة -ما لم يُتفق على خلاف ذلك-، وإن كانت دُفعةً واحدة في أول العقد، بحيث يدفع قيمة العقد كاملةً عند التعاقُد؛ التزم بذلك أيضًا، ففي كل الأحوال لا يسعه إلا الالتزام بدفْع الأجرة في موعدها المُحدد.
تعرف على/ حقوق المستأجر على المؤجر
ثانيًا: تأخر المستأجر في دفع الإيجار
إن حدَث وتأخَّر المُستأجِر عن دفع الأجرة؛ فماذا عسى المؤجِّر أن يفعل؟
1- إنذار المستأجِر: لقد حدد النظام ذلك وبيَّنَه في بُنود العقد الإلكتروني الذي يوثَّق على منصة “إيجار“، وهذا العقد مُثبَت فيه أنه متى ما أخلَّ أحد الطرفين بالتزامه؛ فللآخَر إشعاره بهذا الإخلال من الالتزام؛ وإذا ما لم يقُم بالتزامه أو بإزالة الضرر الناشئ بسببه مدةً أقصاها (15)؛ فيحِق للطرف المتضرر فسْخ العقد.
2- الفسْخ والإخلاء: وهذا الإجراء يجوز فِعله عند الإخلال بأيِّ التزام مترتب على العقد، وعلى ذلك؛ فيحِقُّ للمؤجِّر إشعار المُستأجِر بضرورة التزامه بسداد الأجرة المتأخرة، وذلك بشكل كتابي، وعن طريق وسائل التواصل الرسمية المُحدَّدة بينهما؛ فإن لم يستجِب خلال الخمسة عشر يومًا التي تبدأ من تاريخ إنذاره؛ فإنه يحِقُّ له فسْخ العقد، بل إنه يتعيَّن على المستأجِر إخلاء العقار إذا ما تأخَّر عن دفْع الأجرة المتأخرة -كلها أو جزء منها- لمدة ثلاثين يومًا من تاريخ إنذاره، وهذا -أي الفسْخ والإخلاء- لك أن تُطالِب به مُباشرةً بالعقد الإلكتروني الموثَّق بينكما، والذي ينُص على ما ورد أعلاه، بل إنه يُمكِنُك التقدُّم إلى محكمة التنفيذ مُباشرةً للفسْخ أو الإخلاء، وذلك لأن العقد الإلكتروني له حُجية السند التنفيذي.
3- خلو العقد الإلكتروني من بند الفسخ: إن لم يكُن ثمة نصٌّ في العقد الإلكتروني على ذلك، ورفَض المستأجِر دفْع الأجرة من بعد إنذاره، ورفَض إخلاء العقار؛ فلك أن تتقدَّم بدعوى للمُطالبة بالأجرة المتأخرة -على أن تكون مدة التأخُّر خارجة عن المقبول عُرفًا-، ثم لك على سبيل التخيير إقامة دعوى أخرى للمطالبة بفسخ العقد وإخلاء العقار؛ ولا يضيرُك أيهما أسبَق من الأخرى، بل لك إقامة الدعويين في الوقت ذاته؛ فإن الحق في هذه وتلك محفوظ لك.
4- التقادم: يجب أن تتنبه إلى أن الدعوى للمُطالبة بأجرة العقار يشترط أن تُقام خلال خمس سنوات بحدٍّ أقصى من تاريخ الاستحقاق، فإن انقضَت السنوات الخمْس؛ فإن دعوى المُطالبة بأجرة العقار لا تُسمَع -هذا إن كان المستأجِر منكرًا الحق، أما إن كان مُقرًّا فإنه يجوز سماعُها بعد تلك المدة، غير أن التعجيل أولى-، وذلك لما نصَّت عليه المادة (296) من نظام المُعاملات المدنية.
اقرأ المزيد عن/ هل يجوز فسخ عقد الإيجار قبل انتهاء المدة؟
ثالثًا: مستأجر خرج ولم يدفع الإيجار
إنه في حالة الامتناع عن سداد الأجرة عمومًا؛ فإن المستأجر إما أن يظَلَّ في العقار؛ فتتبِع معه الإجراءات الواردة في الفقرة السابقة، وإما أن يُخلِيَ العقار دون أن يدفَع الأجرة المستحقة عليه عن الفترة التي سبَقَ وأن انتفَع فيها بالعين المؤجرة؛ ففي هذه الحالة تتخِذُ حياله إجراءين مهمين:
1- الخصم من مبلغ الضمان: أن تقوم بحسم الأجرة المتأخرة على المستأجِر من مبلغ الضمان لديك، ثم تدفَع له الباقي إن وُجِدَ؛ على أنه لا يجوز لك أن تأخذ من مبلغ الضمان شيئًا إلا بعد أن تُشعِرَ المستأجِر كتابيًّا بذلك خلال مدة (30) يومًا على الأكثر من تاريخ إخلاء العقار؛ فإن لم تُشعِرْه خلال تلك المدة وجب عليك أن ترُد مبلغ الضمان خلالها.
2- إقامة دعوى: إن لم ينُص العقد على ما يتعلَّق بمبلغ الضمان، أو ليس ثمة ضمان أصلًا؛ فإن لك أن تُقيم دعوى للمُطالبة بالأجرة المستحقة عن الفترة المنقضية، وذلك دون إخلال بحقك في التعويض؛ فإنه يجوز أن تُطالِب بالتعويض عن بقية قيمة العقد، وذلك في حالة كان ثَمةَ ضررٌ مُحقَّقٌ أو كسْب فائت، ولقد فصَّلْنا في تلك المسألة تحديدًا في مقال “غرامة فسخ عقد الإيجار من قبل المستأجر“؛ فَلْيُطالَعْ -فضلًا لا أمرًا-.
رابعًا: طريقة رفع دعوى عدم دفع الإيجار
لا بد أن تشتمل الدعوى المُقامة للمطالبة بالإيجار المتأخِّر على محاور رئيسية لا تُسمَع بدونها، وذلك بذِكر الآتي:
بدايةً يجب عليك تحرير دعواك بشكل تفصيلي وواضح بأن تتضمن: 1- تحديد المحكمة المختصة. 2- بياناتك كاملةً، وبيانات الطرف الآخر. 3- بيانات وتفاصيل العقد. 4- وصف العين المؤجرة كما هي في العقد. 5- ذِكر مدة الإيجار. 6- ذِكر الأجرة المتفق عليها. 7- أن تذكر هل قمتَ بالتزاماتك بالفعل وتمكَّنتَ من التحصُّل على حقوقك أم لا -ولو كان ذلك حينًا يسيرًا من الزمن-. 8- أن تذكر وجْه إخلال الطرف الآخر بالعقد -التأخر في دفع ا لأجرة-، والضرر المترتب على ذلك. 9- تحرير المُطالبة، بأن تكون مُطالبتك بقيمة الإيجار المتأخرة مع بيان المدة الإيجارية المُطالَب عنها بالإيجار. ثم بعد ذلك تتقدم بدعواك عبر منصة ناجز أمام المحكمة العامة التابعة لنطاق إقامة المدعى عليه.
وهناك مُلاحظتان غاية في الأهمية:
1- إن حَقَّ التقاضي عن نفسك مكفول لك شرعًا ونظامًا في كل أنواع الدعاوى الإيجارية؛ ولكن إن أردتَ توكيل مُحامٍ خبيرٍ في هذا النوع من القضايا، بصير بالمخاطر المحتملة فيتحاشاها، بحيث تطمئن بأن كل الأمور موضوعة في نصابها، وتسير وفْق خطوات نظامية صحيحة؛ سعيًا للحصول على النتيجة المرجوة بإذن الله؛ فلا تتردد في التواصُل معنا في شركة نوماس للمحاماة.
2- لا بد من توثيق عقْد الإيجار إلكترونيًّا لكي تتمكَّن من إقامة دعوى للمطالبة بالإيجار المتأخر -أو أيًّا كانت الدعوى المتعلقة بالعقد-؛ إذ الدعاوى المتعلقة بعقود الإيجار لا تُسمَع ما لم يُسجَّل العقد إلكترونيًّا، وذلك بموجب تعميم معالي وزير العدل رقم (13 / ت / 7656) بتاريخ 4 / 5 / 1440هـ، المشار فيه إلى قرار مجلس الوزراء رقم (292) وتاريخ 16 / 5 / 1438هـ، المتضمن: “عدم اعتبار عقد الإيجار غير المسجل في الشبكة الإلكترونية عقدًا صحيحًا مُنتِجًا لآثاره الإدارية والقضائية“.
خامسًا: رفع الإيجار على المستأجر في القانون السعودي
من جُملة العوارض التي قد تعتري مسألة الأجرة هي أنه قد يحدُث ما ينبغي معه رفع قيمة الإيجار، كأن تكون للعين المؤجَّرة عِدَّة وحدات مثلًا، وكان الاتفاق في الأجرة على وحدات معينة منها، ثم اكتُشِفَ من بعد بداية تنفيذ العقد أن بقية الوحدات لا غِنى عنها للمُستأجِر؛ فعندئذ يجوز رفْع الأجرة لأجل الوحدات التي ستدخُل ضِمن نِطاق العقد.
كذلك إن حدَثَت حالة من التضخُّم مثلًا، أو من ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، أو صدَر قرار حكومي لا يد للمؤجر فيه بأعباء مالية مستمرة على العين المؤجرة؛ فحينها يمكن عند انتهاء مدة العقد أن يتم الاتفاق على رفع الإيجار.
هل يحق للمؤجر رفع الإيجار قبل انتهاء العقد؟
لا يحق للمؤجر رفع الإيجار قبل انتهاء العقد إلا برضا المستأجر؛ فللمؤجر التفاوُض مع المُستأجِر برفْع الأجرة عن القيمة المُتَّفَق عليها في العقد، وذلك بسبب زيادة الأعباء المالية بسبب العين المؤجرة في العموم على المؤجر، أو القوى القاهرة مثلًا، والتي لم تكُن في الحُسبان، ويكون ذلك بخِطاب يُرسَل من المؤجر إلى المُستأجِر فيه إعلام بذلك.
واعلَم أن السمة الرئيسة في أي مُعاملة أو عقود هي التراضي؛ فإن لم يكُن ثمة عقد بين الطرفين، أو هنالك عقد وتراضى الطرفين على رفْع الأجرة بلا خِطاب أو نحو ذلك؛ فإنه يجوز ذلك متى ما صدَر عن تراضٍ وائتمان.
خطاب رفع الإيجار على المستأجر
لا بد أن يكون طلب رفْع الإيجار كتابيًّا؛ يُرسِله المؤجر بخطاب للمُستأجِر، وعن طريق قنوات التواصُل الرسمية بينهما، على أن يتضمَّن التفاصيل وافيةً؛ توصُّلًا إلى النتيجة المطلوبة، وهي رفع قيمة الإيجار عن القيمة الحالية؛ وحبَّذا لو وُثِّقَ هذا الخطاب على منصة “إيجار“، كاتفاق بينهما؛ كنوع من إضفاء مزيد الحجية عليه، وتلافيًا لِأَنْ يَجحدَه أحد الطرفين فيما بعد.
صيغة خطاب رفع الإيجار
لا بد أن يتضمَّن خطاب رفْع الإيجار البيانات التالية:
- بيانات المُرسِل (المؤجر) والمُرسَل إليه (المُستأجِر).
- تفاصيل العين المؤجرة -بإيجاز-، من العنوان والرقم وما إلى ذلك، مع ذِكر مدة الإيجار.
- تفاصيل الأجرة المتفق عليها من أول مدة العقد، بحيث يذكُر هل هذه الأجرة عن العقد كاملًا أم عن جزء منه، ويذكر تاريخ ابتدائها وانتهائها.
- أسباب المُطالبة برفْع الأجرة -بطريقة واضحة ومُفصَّلة-.
- الأجرة المطلوب من المستأجِر دفْعها من بعد الزيادة، مع المدة التي ستُدفَع خلالها -بيان ما إذا كان ذلك داخلًا في مدة العقد الحالي، أم أنه في الفترة المُجدَّدة، وبدايةً من أي شهر وانتهاءً في أي شهر، وهكذا-.
- التوقيع أو الختم أو نحو ذلك.