حضانة الاطفال بعد الطلاق وفق نظام الحضانة الجديد (1446هـ)

حضانة الاطفال بعد الطلاق

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 
إخفاء

بمجرد أن تبدأ الخلافات بين الزوجين؛ يبدأ كل واحد منهما في التفكير في مصير الأطفال، ويبدأ التساؤل: لمن ستكون حضانتهم، هل ستكون للأم أم ستكون للأب، ومتى تسقط الحضانة؟ هذا ما نجيب عنه تفصيلًا في مقالنا..

نظام الحضانة الجديد

قبل صدور نظام الحضانة الجديد كانت جميع القضايا المتعلقة بحضانة الأطفال يتم الفصل فيها بموجب أحكام الشريعة الإسلامية المُقررة في هذا الشأن، وكان الأمر يعتمد بشكل أساسي على مراعاة مصلحة المحضون، فكان الشغل الشاغل للقاضي -آنذاك- هو تحقيق أقصى درجات المصلحة للمحضون، فإذا ما وجد هذه المصلحة لدى الأم؛ قرر الحضانة لها، وإن وجدها لدى الأب؛ قرر الحضانة له.

ولم يكن هناك قيد لدى القاضي فيما يتعلق بسن المحضون، فكان السن لا يعدو أن يكون من العوامل التي يراعيها القاضي عند بحثه في مدى توافر مصلحة المحضون، فعلى سبيل المثال: لو أن الطفل صغير بالسن، ولا يقدر على الاستغناء عن أمه؛ فكان القاضي يُقرر الحضانة لها، وهكذا..

ولكن بعدما صدر نظام الحضانة الجديد بموجب نظام الأحوال الشخصية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 6/8/1443هـ؛ أضحى الأمر مختلفًا قليلًا، لأن هذا النظام قد وضع تنظيمًا تفصيليًا لجميع الأمور المتعلقة بحضانة الأطفال، وذلك في الفصل الثاني من الباب الرابع منه، بدايةً من المادة رقم (124) إلى المادة رقم (135).

ولقد تضمنت هذه المواد الأحكام المتعلقة بحضانة الاطفال بعد الطلاق، بدايةً من السن المُقرر للحضانة، مرورًا بالشروط الواجب توفرها في الحاضن [سواء الأم أو الأب أو غيرهما]، فضلًا عن أحوال سقوط الحضانة عن الحاضن، انتهاءً بترتيب مستحقي الحضانة.

نظام الحضانة الجديد

حضانة الاطفال بعد الطلاق

لا شك أنه بمجرد انفصال الزوجين يكون لكل منهما قناعة راسخة بأن بقاء الأطفال في حضانته هو الأصلح لهم، ولا يُمكن التشكيك في هذه القناعة؛ لأن الأمر ببساطة يتعلق بمشاعر الأبوة والأمومة، فلا يُلاما عليها أبدًا.

ولكن تبقى الحقيقة الثابتة بأنه لا يتصور أن تُقرر حضانة الاطفال لهما معًا في ذات الوقت، فطالما أنهما قررا الانفصال؛ فستكون الحضانة لأحدهما فقط سواء أكان الأب أو الأم، وللآخر سيكون له الحق في الزيارة.

وفيما يلي سنتناول شرح كافة الأحكام الشرعية والنظامية المُتعلقة بحضانة الاطفال بعد الطلاق، بدايةً من شروط الحضانة، لمن تكون، سن الحضانة، وأحوال سقوطها.

أولًا: شروط الحضانة بعد الطلاق

يُشترط في الحاضن أن تكون لديه جميع المقومات التي من شأنها أن تحفظ المحضون وترعاه، وتُحقق أقصى مصلحة له، وتتمثل هذه الشروط في الآتي:

شروط الحضانة بعد الطلاق

1- العقل والبلوغ: فلا يُمكن أن يكون الحاضن مجنونًا أو قاصر عقلًا، وإنما يلزم أن يكون كامل الأهلية، ومسؤول عن تصرفاته.

2- المقدرة على التربية: وهذا من أهم شروط الحاضن؛ لكون الحضانة من الأساس تدور وجودًا وعدمًا مع تحقيق مصلحة المحضون، ولذلك؛ يجب أن يكون الحاضن قادرًا على تربية المحضون، وقادرًا أيضًا على حفظه ورعايته أقصى رعاية، ومن ثَم؛ فلو كانت البيئة المحيطة بمحل سكن الحاضن غير آمنة على الطفل المحضون؛ فلا يمكن أن تُقرر الحضانة له.

3- خلو الحاضن من الأمراض المعدية الخطيرة: فلا يُمكن تقرير الحضانة للأم أو للأب في حال كان مصابًا بمرضٍ يُعرِضُ الطفل المحضون للخطر، مع التأكيد على أنه لا يكفى هنا مجرد المرض، وإنما يتعين أن يكون المرض “مُعديًا“، و”خطيرًا“، ومن أمثلة ذلك: (فيروس نقص المناعة البشرية، الإيدز، السل، الملاريا، إيبولا، والكوليرا، وغيرها من الأمراض الخطيرة على صحة الطفل).

ومستند تلك الشروط الثلاثة الأولى هو المادة (125) من نظام الأحوال الشخصية، بما نصها: “يشترط أن تتوافر في الحاضن الشروط الآتية: 1- كمال الأهلية. 2- القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته. 3- السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة“، وكذلك ما جاء في المبدأ القضائي رقم (572)، بما نصه: “المحضون لا يُقر بيد من لا يصونه ويُصلحه؛ لأن غير العدل لا يوثق به في أداء الواجب من الحضانة” (ك ع): (33/3/3)، (1/5/1433).

4- أما عن الشرط الرابع من شروط الحضانة بعد الطلاق؛ فهو خاص بالإناث فقط من الحاضنات، فإذا كانت الحاضنة امرأة؛ فيجب ألا تكون متزوجةً من رجل أجنبي عن المحضون، وفق الفقرة (1) من المادة (126) من نظام الأحوال الشخصية.

5- ولو كان الحاضن رجلًا؛ فيجب أن يقيم معه من يصلح للحضانة من النساء، سواء أكانت والدته أو زوجته الثانية أو أخته، وفي حال كانت المحضونة بنت؛ فيلزم أن يكون الحاضن ذا رحم محرم لها، بمعنى أن يكون الحاضن أحد الأقارب الذين يحرم عليهم الزواج منها شرعًا بسبب القرابة، مثل: (الأب، الأخ، الجد، الخال، العم)، وهذا ما قررته الفقرة (2) من المادة (126) من نظام الأحوال الشخصية.

ثانيًا: ترتيب مستحقي الحضانة

إذا توافرت جميع الشروط التي فصلناها أعلاه في شخص الحاضن سواء أكانت الأم أو الأب أو غيرهما، وكان عمر المحضون أقل من (15) عامًا؛ فإن النظام قد وضع ترتيبًا معينًا يتقيد به القاضي عند تقرير الحضانة للأطفال، ويتمثل هذا الترتيب في الآتي:

حضانة الاطفال بعد الطلاق (2)

1- الأم: هي الأولى في استحقاق الحضانة، فبلا شك هي الأكثر حنانًا على أولادها، والأحق بهم، وبرعايتهم.

2- ثم الأب: فإذا ما طرأ على الأم أي عارض أو قادح؛ ترتب عليه سقوط الحضانة عنها؛ فيصبح الأب مستحقًا لحضانة الاطفال.

3- ثم أم الأم: فمن بعد الأب، وإن سقط حقه في الحضانة؛ تكون أم الأم هي المستحقة لحضانة الاطفال.

4- وأخيرًا أم الأب: فهي الأخيرة في الترتيب، فإذا ما سقطت الحضانة عن الأم، ثم الأب، ثم أم الأم؛ فتكون أم الأب هي المستحقة للحضانة.

5- ما يختاره القاضي: إذا لم يصلح أي أحد من المذكورين أعلاه لحضانة الاطفال؛ فتأتي سُلطة القاضي في تقرير شخص الحاضن، ويكون معياره في هذا الشأن، هو تحقيق مصلحة المحضون.

ومستند هذا الترتيب ما قررته المادة (127) من نظام الأحوال الشخصية، بما نصها: “1- الحضانة من واجبات الوالدين معًا ما دامت الزوجية قائمةً بينهما، فإن افترقا فتكون الحضانة للأم، ثم الأحق بها على الترتيب الآتي: الأب، ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم تقرر المحكمة ما ترى فيه مصلحة للمحضون“.

ثالثًا: سن الحضانة في القانون الجديد

إن نظام الحضانة الجديد قد وضع تقسيمة لسن المحضون، وتتمثل تلك التقسيمة في ثلاثة، نذكرهم على الترتيب التالي:

سن الحضانة في القانون الجديد

1- أقل من (15) عامًا: فتكون الحضانة حسب ترتيب مستحقي الحضانة (أم، ثم أب، ثم أم الأم، ثم أم الأب)، وفق ما فصلناه أعلاه [انقر للانتقال].

2- أتم الـ(15) عامًا، وأقل من (18) عامًا: فيتم تخيير المحضون من قبل القاضي، بأن يسأله ما إذا كان يريد العيش مع الأب أم العيش مع الأم، وبناءً على اختيار المحضون؛ تُقرر الحضانة، ما لم تكن مصلحة المحضون تقتضي خلاف هذا الاختيار.

3- أتم الـ(18) عامًا: فلا يكون للولد أو البنت حضانةً أصلًا؛ إذ يُعتبر هذا السن هو سن الرُشد، ويكون لهم الحق في اختيار الجهة التي يريدون العيش فيها سواء لدى الأم أو الأب، أو حتى التنقل والتردد بينهما دون التقيد بوقت معين.

ومستند هذه التقسيمة ما نصت عليه المادة (135) من نظام الأحوال الشخصية، بأنه: “1- إذا أتم المحضون (الخامسة عشرة) من عمره، فله الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه، ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك. 2- تنتهي الحضانة إذا أتم المحضون (ثمانية عشر) عامًا..“.

متى تسقط حضانة الام؟

إن الأم لا تسقط الحضانة عنها إلا في الأحوال التالية:

متى تسقط حضانة الام

1- الحالة الأولى: إذا تخلف في الأم شرط من شروط الحضانة، والتي فصلناها أعلاه [انقر للانتقال]، وهذه الشروط تتمثل باختصار في الآتي (كمال الأهلية، القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته، والخلو من الأمراض المعدية والخطيرة، وعدم الزواج من رجل أجنبي)، ومستند هذه الحالة ما قررته الفقرة (1) من المادة (128) من نظام الأحوال الشخصية.

2- الحالة الثانية: إذا أتم المحضون سن الـ(18) عامًا؛ لانتهاء حضانته أصلًا، وفق ما قررته الفقرة (2) من المادة (135) من نظام الأحوال الشخصية.

3- الحالة الثالثة: إذا قررت الأم الانتقال بالمحضون إلى بلد أو مكان آخر؛ يترتب عليه الإضرار بمصلحة المحضون، ومستند هذه الحالة ما قررته الفقرة (2) من المادة (128) من نظام الأحوال الشخصية.

4- الحالة الرابعة: إذا سكتت الأم عن المطالبة بالحضانة لمدة تزيد على (سنة)، بشرط ألا يكون لديها عُذر يُبرر سكوتها، أو كانت مصلحة المحضون تقتضي منها السكوت، وذلك ما نصت عليه الفقرة (3) من المادة (128) من نظام الأحوال الشخصية.

5- الحالة الخامسة: إذا تزوجت الأم من رجل أجنبي؛ فحينها تسقط حضانتها للاطفال، وذلك إعمالًا للفقرة (1) من المادة (126) من نظام الأحوال الشخصية، بما نصها: “يتعين التقيد بالشروط الآتية: 1- إذا كان الحاضن امرأة، فيجب أن تكون غير متزوجة برجل أجنبي عن المحضون..“، وأيضًا المادة (128) من ذات النظام، بما نصها: “يسقط الحق في الحضانة في الحالات الآتية: 1- إذا تخلف أحد الشروط المذكورة في المادة (السادسة والعشرين بعد المائة)“.

هل تسقط الحضانة عن الأم إذا تزوجت؟

بحسب الأصل، نعم تسقط الحضانة عن الأم إذا تزوجت من رجل أجنبي، وفق ما فصلناه أعلاه، ولكن توجد هنا معلومة غاية في الأهمية، فليس بالضرورة بمجرد أن تتزوج الأم أن يسقط عنها الحق في الحضانة؛ لأن الأمر مقيد بسلطة القاضي في مراعاة مصلحة المحضون، بمعنى أنه إذا ما وجد القاضي أن مصلحة المحضون تقتضي البقاء لدى الأم؛ فحينها سيُبقي على حضانتها على الرغم من زواجها من رجل أجنبي.

وهذه السلطة مقررة للقاضي بموجب النظام ذاته الذي ختم المادة (126) من نظام الأحوال الشخصية، بما نصه: “…ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك“، علمًا بأن الواقع العملي الذي باشرناه في عدد ضخم من قضايا الحضانة؛ يبين أن القضاة لا يسقطون حضانة الأم للاطفال إذا كان عمرهم صغير، أي أقل من (7) سنوات، ويستندون في ذلك إلى أن هذا السن صغير للغاية، ويكون الطفل فيه أحوج إلى أمه، ولا يقدر على الاستغناء عنها.

متى يأخذ للأب حضانة البنت؟

يأخذ الأب حضانة البنت في الحالات الستة التالية:

1- إذا تخلف في الأم أي شرط من شروط الحاضن المقررة نظامًا، وهي (كمال الأهلية، القدرة على التربية، الخلو من الأمراض المعدية الخطيرة)، وأشهر مثال في هذه الحالة: هي صدور أحكام جزائية مُخلة بالشرف في مواجهة الأم، كثبوت إدانتها في جريمة ربط علاقة محرمة.

2- إذا أتمت البنت سن الـ(15) عامًا، واختارت أن تعيش لدى الأب.

3- إذا كانت مصلحة البنت تقتضي بقاءها لدى الأب.

4- إذا تزوجت الأم من رجل أجنبي، وكان عُمر البنت كبير بما يكفي لتستطيع الاستغناء عن والدتها.

5- إذا انتقلت الأم بالبنت المحضون لبلد أو مكان آخر غير المكان المقرر للحضانة؛ وترتب عليه فوات منفعة أو إضرار بمصلحة البنت.

6- إذا سكتت الأم عن المطالبة بحضانة البنت، لمدة تزيد على (سنة) دون عُذر مشروع.

موضوعات أخرى تهمك

اترك تعليقًا