صيغة حلف اليمين في المحكمة تختلف باختلاف الواقعة المطلوب الحلف عليها، إذ توجد واقعة يقوم بها الحالف نفسه، وتوجد واقعة أخرى لا يقوم بها الحالف بنفسه وإنما يقوم بها غيره، ومثال ذلك: التصرفات التي يجريها المورث حال حياته، وينتقل آثارها للورثة من بعد مماته، فهنا لا يكون الورثة ممن قاموا بالفعل.
ولكل صورة من هذه الصورة صيغة معينة يحلفها المطلوب منه الحلف، نُبينها في مقالنا الحالي.
أولًا: صيغة حلف اليمين في المحكمة
حسب نظام الإثبات فإن صيغ اليمين لا تخرج عن نوعين: الأول/ أن يحلف الحالف على البت أي بألفاظ قاطعة تنفي الادعاء الموجه إليه. أما الثاني/ أن يحلف على نفي العلم، أي بألفاظ قاطعة تنفي علمه بالادعاء الموجه إليه، وفيما يلي نُبين متى يستخدم كل نوع من تلك الصيغ:
1- إذا تعلقت الواقعة محل اليمين بالحالف نفسه
ففي هذه الحالة يكون الحلف على البت والقطع والجزم؛ لأن الحالف هنا يحلف على فعل قام به بنفسه، وهو يُفتَرَض فيه العلم التام والإحاطة الكاملة به.
مثالها: أن يُبرم الحالف عقد بيع مع الخصم فيه الدعوى، فإذا حصل نزاع بينهما على العقد وأنكر الحالف إبرامه لهذا العقد، ووجه إليه خصمه اليمين الحاسمة، فهنا يكون الحلف على البت؛ لأن الحالف من قام بالفعل ذاته وهو إبرام العقد.
مستند ذلكما جاء في المادة (95) من نظام الإثبات: “1- إذا كانت الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بالحالف…؛ حلف على البت…“.
2- إذا تعلقت الواقعة بإثبات فعل غير الحالف
في هذه الحالة أيضًا يؤدي الحالف اليمين على البت؛ لأنه هنا يقصد من الحلف إثبات فعل غيره، وهذا يقتضي علمه التام بهذا الفعل والإحاطة الكامة به.
مثالها: إذا توفي المورث ثم قام ورثته برفع دعوى على شخص آخر، وادعى الورثة أن هذا الشخص كان قد باع بيته على المورث، فهنا الورثة يريدون إثبات فعل غيرهم [وهو مورثهم]، وبالتالي؛ إذا وجهت اليمين في الدعوى إلى الورثة فيحلفون على البت، أي يحلفون بالله بأن المورث اشترى البيت من المدعى عليه.
مستند ذلك ما جاء في المادة (95) من نظام الإثبات: “1- إذا كانت الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة… بإثبات فعل غيره؛ حلف على البت..“.
3- إذا تعلقت الواقعة بنفي فعل غير الحالف
في تلك الحالة لا يُشترط أن يكون الحلف على البت والقطع، وإنما يكتفى بالحلف على نفي العلم، والسبب في ذلك أنه لا يتصور أن يؤدي الحالف اليمين على البت وهو لم يباشر الفعل بنفسه، فكيف له أن يحلف على شيء هو لا يعلمه أصلًا!
ومثالها: أن يرفع المدعي دعوى ضد الورثة ويدعي أن له دين ثابت في ذمة المورث، فهنا إذا وجهت اليمين إلى الورثة، فهم يحلفون على نفي العلم؛ لأنهم لم يباشروا التصرف، ولا يُفتَرض فيهم الإحاطة به، فيُكتفى بنفي العلم، ولا يحلفون على البت.
مستند ذلك ما جاء في المادة (95) من نظام الإثبات: “…إذا كانت متعلقة بنفي فعل غيره حلف على نفي العلم إلا أن يكون المحلوف عليه مما يمكن أن يحيط به علم الحالف؛ فيحلف على البت“.
ثانيًا: أقوى صيغة حلف يمين
إن الذي يكتب صيغة اليمين المطلوب الحلف عليها هو من طلبها أصلًا، بل إن هذا التزام عليه بموجب المادة (101) من نظام الإثبات: “يجب على من يوجه اليمين إلى خصمه أن يبين بدقة الوقائع التي يريد استحلافه عليها، ويذكر الصيغة بعبارة واضحة..“، ولكن المحكمة غير مُلزمة بقبول تلك الصيغة المُقدمة لها، وهذا ما قررته المادة أعلاه: “…وللمحكمة أن تعدلها لتوجه بوضوح ودقة على الواقعة المطلوب الحلف عليها“، والمادة (95/2) من نظام الإثبات، على أنه: “يكون أداء اليمين بالصيغة التي تقرها المحكمة“.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان من وجهت إليه اليمين أخرسًا كان حلفه اليمين أو نكوله عنها أو رده إياها بطريق الكتابة إن كان يعرفها، أما إن كان لا يعرف الكتابة أو يعرفها لكنه غير قادر على الكتابة؛ فيكون حلف لليمين بطريق إشاراته المعهودة، وفي حضور من يعرف لهذه الإشارة.
وأما عن أقوى صيغة حلف يمين؛ فتتمثل في الآتي: “أقسم بالله العظيم، عالم الغيب والشهادة، الحي القيوم، الذي لا إله إلا هو“، ثم يُكمِل الحالف بذكر الوقائع التي يُستحلف عليها في الدعوى، سواء على البت أو نفي العلم، فعلى سبيل المثال “…أنني قد اشتريت العقار الموصوف بالدعوى، وأنني سددت كامل المبلغ المدوَّن في العقد“، ثم يُنهي الحالف صيغة الحلف بـ”والله على ما أقول شهيد“.
مقالات أخرى ذات صلة