قد تكتشف الزوجة بعد الزواج وجود عيب أو مرض في زوجها لم تكن على علم به، وهذا العيب يجعل استمرار الحياة الزوجية أمرًا شاقًا أو مستحيلًا.
إذا كنتِ تواجهين هذا الموقف الصعب، فمن المهم أن تعرفي أن النظام في المملكة العربية السعودية يحفظ حقكِ في طلب فسخ عقد النكاح.
الفسخ بسبب “علة” في الزوج هو من أكثر القضايا حساسية ودقة، وله شروط وضوابط واضحة، وفي هذا الدليل، سنشرح لكِ بالتفصيل ما هي العلل التي يعترف بها النظام، وما هي الشروط التي يجب توفرها لضمان نجاح دعواكِ.
الأساس النظامي: ماذا تقول المادة (104)؟
حقكِ في طلب الفسخ لوجود علة في الزوج يستند إلى المادة (104) من نظام الأحوال الشخصية، والتي تنص على أنه:
“1- لكل من الزوجين طلب فسخ عقد الزواج لعلة مضرة في الآخر أو منفرة تمنع المعاشرة الزوجية -سواء كانت العلة قبل عقد الزواج أو طرأت بعده-…“
هذا النص يعني أن لكِ الحق في طلب الفسخ إذا كان بزوجكِ عيب أو مرض يسبب لكِ ضررًا، أو يسبب لكِ نفورًا يمنع المعاشرة الطيبة، سواء كان هذا العيب موجودًا قبل الزواج (ولم تعلمي به) أو ظهر بعد الزواج.
ما هي العلل التي تبيح طلب الفسخ؟
العلة هي أي عيب جسدي أو نفسي يمنع تحقيق أهداف الزواج الأساسية، وهي تنقسم بشكل عام إلى نوعين:
1. العلل الجسدية
وهي الأمراض أو العيوب العضوية التي تؤثر على الحياة الزوجية، ومن أمثلتها الشائعة في القضايا:
1. الأمراض المانعة للمعاشرة: مثل العجز الجنسي (العنة) أو المشاكل العضوية التي تجعل العلاقة الزوجية مستحيلة، وهنا يكون سبب الامتناع هو مرض أو عيب، وهو يختلف عن حالة [الهجر داخل المنزل] الذي يكون فيه الامتناع متعمدًا وبدون عذر مشروع.
2. الأمراض المعدية الخطيرة: مثل الإيدز، أو التهاب الكبد الوبائي النشط، وغيرها من الأمراض التي يشكل بقاؤكِ مع الزوج فيها خطرًا على صحتكِ.
3. الأمراض المنفرة: بعض الأمراض الجلدية الشديدة جدًا والدائمة، أو التي تسبب روائح منفرة بشكل لا يمكن تحمله.
4. العقم: يمكن أن يكون العقم سببًا للفسخ إذا تم إثباته بتقرير طبي قطعي، خاصة إذا كنتِ قد اشترطتِ القدرة على الإنجاب.
2. العلل النفسية والعقلية
وهي لا تقل أهمية عن العلل الجسدية، وتشمل:
1. الأمراض العقلية الخطيرة: مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب الشديد، الذي يجعل الزوج غير قادر على تحمل مسؤوليات الزواج وقد يشكل خطرًا على من حوله.
2. الاضطرابات النفسية والسلوكية الحادة: التي تؤدي إلى سلوكيات غريبة أو عنيفة أو منفرة بشكل دائم، وهذه السلوكيات بحد ذاتها يمكن أن تشكل [ضررًا نفسيًا موجبًا للفسخ]، حتى لو لم يتم تشخيصها كعلة رسمية.
3. الإدمان الشديد على المخدرات: في بعض الحالات المتقدمة، يمكن النظر إلى [إدمان المخدرات] على أنه علة نفسية وسلوكية مدمرة تمنع الزوج من القيام بواجباته وتجعل المعاشرة معه خطرة.
(3) شروط أساسية يجب توفرها لقبول دعواكِ
حتى لو كانت العلة موجودة، فالمحكمة لن تحكم بالفسخ إلا بعد التأكد من توفر ثلاثة شروط أساسية نصت عليها بقية المادة (104):
1. الشرط الأول: عدم علمكِ بالعلة قبل العقد
إذا كنتِ على علم تام بوجود هذا العيب أو المرض في زوجكِ قبل توقيع عقد النكاح، وقبلتِ به، فإن حقكِ في طلب الفسخ لهذا السبب يسقط.
2. الشرط الثاني: عدم رضاكِ بالعلة بعد اكتشافها
إذا اكتشفتِ العلة بعد الزواج، فيجب ألا يصدر منكِ أي قول أو فعل يدل على رضاكِ وقبولكِ بالاستمرار في الحياة معه رغم وجود هذه العلة.
“نصيحة خبير” من واقع النظام: سكوتكِ لا يعني رضاكِ! وهذه نقطة في غاية الأهمية لصالحكِ. لقد أكدت المادة (26) من لائحة نظام الأحوال الشخصية على أن مجرد سكوت الزوجة لفترة بعد علمها بالعلة لا يسقط حقها في طلب الفسخ. بل يجب على الزوج أن يثبت أنها رضيت بالعلة بشكل صريح (قولًا أو فعلًا)، أما السكوت فلا يعتبر دليلًا على الرضا.
3. الشرط الثالث: دور أهل الخبرة (التقارير الطبية)
بما أن هذه الدعوى تتعلق بأمور طبية، فإن للقاضي صلاحية إحالة الزوج إلى “أهل الخبرة”، وهم لجنة طبية متخصصة في مستشفى حكومي، وظيفة هذه اللجنة هي:
- التأكد من وجود العلة المُدَّعَى بها.
- تحديد طبيعة هذه العلة ومدى تأثيرها على المعاشرة الزوجية.
- تحديد إمكانية الشفاء منها من عدمه.
- التقرير الصادر من هذه اللجنة الطبية يعتبر دليلًا أساسيًا يعتمد عليه القاضي في حكمه.
وتستند سُلطة القاضي في الإحالة هنا، لما قررته المادة (110) من نظام الإثبات، التي تنص على أنه:
“للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم- أن تُقرر ندب خبير أو أكثر ؛ لإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يستلزمها الفصل في الدعوى“، وكذا ما جاء في المبدأ القضائي رقم (1850)، بما نصه: “ينبغي أن يُستعان بما يظهر الحق، وإن احتاج الأمر أخذ رأي أهل الخبرة تعين ذلك” (م ق د): (133/5)، (24/5/1411).
هل ترغبين في استكشاف جميع أسباب فسخ النكاح؟
هذا المقال ركزنا بالتفصيل على [الفسخ بسبب العلة والمرض بالزوج]، ولمعرفة قائمة كاملة بجميع الأسباب الأخرى التي أقرها نظام الأحوال الشخصية، يمكنكِ الرجوع إلى دليلنا الرئيسي الشامل، اقرئي الآن: [الدليل الشامل لأسباب فسخ عقد النكاح في السعودية]
أسئلة شائعة حول الفسخ بسبب العلة
رفض الزوج الخضوع للفحص الطبي الذي تأمر به المحكمة يعتبر قرينة قوية ضده، في هذه الحالة، قد يعتبر القاضي أن رفضه هو محاولة لإخفاء العلة، وقد يحكم بالفسخ استنادًا إلى هذا الرفض بالإضافة إلى الأدلة والقرائن الأخرى المقدمة في الدعوى.
نعم، يمكن أن يكون العقم سببًا للفسخ، خاصة إذا كان طلب الإنجاب مهمًا بالنسبة لكِ ولم تكوني على علم بعقمه قبل الزواج. يتم إثباته بتقرير طبي قطعي، وفيما يتعلق بالمهر، بما أن العقم يعتبر علة من جهة الزوج، فالأصل أن الفسخ يكون بدون عوض (لا يلزمكِ إعادة المهر).
يعتمد الأمر على تقدير القاضي بناءً على تقرير أهل الخبرة، فالمادة (104) تشترط أن تكون العلة “مضرة” أو “منفرة تمنع المعاشرة”، وبالتالي؛ إذا كان المرض النفسي تحت السيطرة بالعلاج ولا يؤثر على الحياة الزوجية أو يسبب لكِ ضررًا أو نفورًا، فقد لا تعتبره المحكمة سببًا كافيًا للفسخ، إذ يجب أن يكون تأثير المرض على الحياة الزوجية هو الفيصل.
هذا الأمر يخضع للسلطة التقديرية للقاضي، فقد يمنح القاضي الزوج مهلة للعلاج إذا كان الشفاء مرجحًا في مدة معقولة، أما إذا كان العلاج سيستغرق مدة طويلة جدًا بحيث يلحق بكِ الضرر بسبب طول الانتظار، أو كان الزوج مقصرًا في علاجه، فيمكن للمحكمة أن تحكم بالفسخ.
نعم، يمكنه ذلك، فالمادة (104) صريحة في أن الحق في طلب الفسخ لعلة مضرة أو منفرة هو “لكل من الزوجين”، وتسري عليه نفس الشروط من حيث عدم العلم المسبق وعدم الرضا.
هل قضيتكِ تتعلق بعلة في الزوج وتحتاجين لمشورة خبير؟
دعاوى الفسخ بسبب العلل هي من أدق القضايا وتتطلب خبرة في التعامل مع التقارير الطبية والإجراءات القضائية، نحن في شركة نوماس للمحاماة نكرس خبرتنا للقضايا الجادة التي نتولى تمثيلها، ونقدم لكِ الدعم النظامي اللازم.
إذا كنتِ قد عزمتِ على رفع دعوى وتحتاجين إلى تمثيل نظامي احترافي، يمكنكِ التواصل معنا لبدء إجراءات قضيتك.
مقالات أخرى قد تهمك
1- متى يحق للقاضي فسخ النكاح بدون عوض؟
2- أسئلة القاضي عند فسخ النكاح