مسؤولية ناظر الوقف (1447هـ)

مسؤولية ناظر الوقف

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 

لا شك أنه حتى يستمِرَّ الوقف وينمو، وتوضع غلَّتُه في مصارفها الصحيحة؛ فلا بد من شخص -أو أكثر، بحسب الوقف وحجمه وشرط واقفه- يُدير الوقف، ويراعي مصالحه، ويعمل على تنميته؛ إلى غير ذلك من الأعباء، وهذا الشخص ما يُعرَف شرعًا ونظامًا بـ”ناظِر الوقف“، ويُتحاكَم في شروط تعيينه وعزله ومهامه وحقوقه وما إلى ذلك في المقام الأول إلى “لائحة تنظيم أعمال النِّظارة” الصادرة عن الهيئة العامة للأوقاف، ثم النصوص الشرعية والنظامية في هذا الشأن.

وفيما يلي أهم ما تدور حوله التساؤلات والاستفسارات التي تأتينا، وأكثر ما تولَّينا بصدده الدعاوى، وما جنَينا بخصوصه النتيجة المرجوة بحمد الله؛ وأوَّل ما يكون من ذلك: مسؤولية ناظر الوقف، والتي نتولاها بالشرح التفصيلي فيما يلي.

أولًا: الإلتزامات النظامية لناظر الوقف:

لقد تحددت المسؤوليات الأساسية لناظر الوقف فيما وردَ بالمادة “العاشرة” من لائحة تنظيم أعمال النظارة، والتي نصت على أنه:

يجب على الناظر القيام بالآتي: 1- الالتزام بالواجبات المرتبطة بأعماله والتي تقررها أحكام الشريعة الإسلامية، والأنظمة واللوائح والقواعد والضوابط السارية ذات العلاقة، وما يصدر عن الهيئة من تعليمات. 2- التقيد بالأنظمة واللوائح والتعليمات ذات العلاقة بجمع التبرعات وعدم القيام بأي نشاط في هذا الشأن إلا بعد الحصول على موافقة الجهات المختصة في المملكة. 3- إتاحة المعلومات والبيانات للموقوف عليهم إذا تعلقت بمصالحهم، وحال طلبها. 4- بذل العناية اللازمة للقيام بما يحقق المصلحة والغبطة للوقف. 5- وضع آلية للتواصل مع أصحاب المصالح المرتبطين بالوقف ويشمل ذلك الموقوف عليهم، بهدف تلقي الاستفسارات، والاقتراحات والشكاوى ومعالجتها. 6- التقيد بالأنظمة واللوائح والتعليمات ذات العلاقة بالحوالات المالية الصادرة والواردة من وإلى خارج المملكة، وبشكل خاص قواعد الحسابات البنكية الصادرة عن البنك المركزي السعودي. 7- وضع آلية لصرف عوائد الوقف في حالة ما إذا كان للوقف مستحقون خارج المملكة وإشعار الهيئة بذلك. 8- جمع معلومات كافية عن المستفيدين الحقيقيين من عوائد الوقف، والتحقق منها بكافة الوسائل الممكنة والموثوقة، وحفظها وإبقاؤها مُحدَّثة. 9- إطْلاع الموقوف عليهم بصفة دورية على القوائم المالية للوقف، وبشكل خاص الأوقاف الكبيرة والمتوسطة. 10- إبلاغ الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة فورًا عند الاشتباه، أو إذا توافرت لديه أسباب معقولة للاشتباه؛ في أن الأموال التابعة للوقف أو بعضها تُمثِّل متحصلات جريمة أو ارتباطها أو علاقتها بعمليات غسل الأموال أو تمويل إرهاب أو في أنها سوف تستخدم في تلك العمليات بما في ذلك محاولات إجراء مثل هذه العمليات“.

ثانيًا: مسؤولية ناظر الوقف:

بالإضافة إلى الالتزامات سالفة الذكر، يوجد عدد من المسؤوليات المُقررة على عاتق ناظر الوقف بموجب أحكام الشريعة الإسلامية، أو العمل القضائي الدارج في هذا النوع من القضايا، ونتناول شرح هذه المسؤوليات في الآتي:

1- حفظ الوقف وصيانته:

فالوقف يحتاج بشكل مستمر ودوري إلى الصيانة؛ لحفْظه بحالته، بحيث يستمر في إخراج ريعه الذي يُصرَف إلى مُستحِقِّيه، وهذا من أهم أوجه المسؤولية تجاه ناظر الوقف، بل هي المسؤولية الأساسية؛ إذ هو منوط به إدارة الوقف وبذل أقصى جهد وعناية ليحافظ عليه ويصونه.

2- صرف العائد في جهاته، وتوثيق أعمال الصرف:

لقد حددت المادة (13) من لائحة تنظيم أعمال النظارة آلية صرف عائد الوقف، وذلك فيما يلي نصًا:

“1- على الناظر صرف عوائد الوقف وفق المصارف المحددة بوثيقة الوقف وبمواعيد الصرف المحددة لها من خلال الحسابات البنكية الخاصة بالوقف، وفي حال لم يحدد شرط الواقف موعد صرفها؛ وجب صرفها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نهاية السنة المالية للوقف.

2- يجب على الناظر توثيق أعمال صرف عوائد الوقف على الموقوف عليهم، وفي حال صرف عوائد الوقف من خلال جهة اعتبارية؛ فلا بد أن تكون الجهة مرخصة وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة.

3- في حال لم يحدد الواقف موقوفًا عليه بعينه أو وصفه أو انقطعت تسمية الموقوف عليه أو كان شرط الواقف عامًّا على أعمال البر والإحسان؛ فعلى الناظر مراعاة صرف عوائد الوقف وفق قصد الواقف وما هو أكثر نفعًا له، وأعظم أجرًا، وما يعزز من دور الوقف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي وتحري تعظيم الأثر، وفي جميع الأحوال على الناظر الرجوع إلى الجهة المختصة لتحديد قصد الواقف”.

اقرأ عن/ إخلال ناظر الوقف بمسؤوليته

3- الاجتهاد في تنمية الوقف:

فعلى ناظر الوقف ألا يترُك الوقف ثابتًا في موضعه، بل لا بد أن يجتهد في إنمائه، ويسعى لتكثير عينه ونِتاجه، وذلك لأجل أن يتزايد عائده؛ مما يعود بأقصى صور النفع على المستفيدين أو المسحقين

4- المرافعة عن الوقف:

فإن ناظر الوقف هو المُمثِّل للوقف قضاءً، يُدافِع عنه، ويترافَع عنه، ولا يتوانى أبدًا في أيٍّ من صور العناية التي تعود على الوقف بالنفْع أو تدفع عنه الضُرَّ في ساحات القضاء؛ بحيث إذا كان للوقْف حقٌّ لدى الغير انتزعه ناظر الوقف، أو إن كان لغير مُستحِقٍّ مُطالبة في مواجهة الوقف دفعها ناظر الوقف عنه.

5- متابعة شؤونه لدى جميع الجهات الحكومية والأهلية:

إذ الوقف يحتاج إلى استخراج الأوراق الرسمية من الجهات الحكومية لتشغيله، فمثلًا قد يحتاج إلى تراخيص أو استخراج الصُكوك وتحديثها بشكل دوري؛ وما إلى ذلك من أمور لا غنى عنها.

6- فتح حساب مصرفي مستقل للوقف:

من الأمور الواجبة على ناظر الوقف هو أن يفتَح حسابًا مصرفيًّا مستقلًّا باسم الوقف، بحيث لا يُصرف منه أي أموال إلا بشيك أو حوالة موقعة من الناظر، محدَّد فيها جهة الصرف وموجِبها، ويتم من خلال هذا الحساب البنكي إجراء كافة التعاملات المالية الخاصة بالوقف وإدارة شؤونه، مع ضرورة عدم خلط الأموال الخاصة بالوقف مع الأموال الشخصية للناظر، وذلك لما قررتْه الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من لائحة تنظيم أعمال النِّظارة.

تعرف على/ صحيفة دعوى الإخلال بمسؤولية الناظر

7- عدم التصرف في أيٍّ من عقارات الوقف:

من الأمور المحظورة على ناظِر الوقف هو التصرُّف ببيع الوقف، أو رهنه أو نقله أو استبداله، أو تأجيره أكثر من عشر سنوات صفقة واحدة؛ إلا بإذن الحاكم الشرعي في بلد العقار، وذلك لما فيه من تحديد مصير الوقف، والتأثير على ريعه، وذلك لما دلَّت عليه المادة التاسعة عشرة من لائحة تنظيم أعمال النظارة، وكذا المادة (223) من نظام المرافعات الشرعية، ونصها: “1. إذا اقتضت المصلحة العامة بيع وقف عام أو استبداله أو نقله، فليس لناظره أن يجري ذلك إلا بعد استئذان المحكمة في البلد التي فيها الوقف، وإثبات المسوغات الشرعية التي تجيز بيعه أو استبداله أو نقله، على أن يجعل ثمنه في مثله في الحال. 2. إذا اقتضت المصلحة التصرف في الوقف الأهلي ببيعه أو استبداله أو نقله أو رهنه أو الاقتراض له أو تعميره أو شراء بدل منه أو تجزئته أو فرزه أو دمجه أو تأجيره لمدة تزيد على عشر سنوات أو المضاربة بماله -فيما إذا كان الثمن لا يكفي لشراء البدل-؛ فليس لناظره أن يجري أيًّا من تلك التصرفات إلا بعد استئذان المحكمة المختصة.“.

8- إطلاع المستحقين على القوائم المالية أو البيانات المالية للوقف:

يتعيَّن كذلك على ناظِر الوقف تمكين المُستحِقِّين من الاطِّلاع على القوائم المالية للوقف، وبشكل دوريٍّ؛ بل ودون أن يُطلَب من ناظِر الوقف ذلك؛ ويكون من مشتملات القوائم المالية ما يلي: تقرير بالوارد والمنصرف مع استحقاقه، وكشف حساب الوقف، وعقود الإيجار والاستثمار، ونحو ذلك؛ ويُسلَّم المستحِق صورةً من تلك القوائم المالية. كل ذلك بما دلَّت عليه الفقرة (9) من المادة العاشرة من لائحة تنظيم أعمال النظارة، بما نصه: “التزامات الناظر… 9- اطلاع الموقوف عليهم بصفة دورية على القوائم المالية للوقف، وبشكل خاص الأوقاف الكبيرة والمتوسطة“.

وما يتعين الوقوف عنده في هذا الالتزام؛ أنه من حق كل مستحق في الوقف الاطلاع على القوائم المالية أو البيانات المالية للوقف، وفي حال امتنع الناظر عن أداء هذا الالتزام؛ فمن حق أي مستحق تقديم دعوى تسليم مستندات، تتضمن المطالبة بإلزام الناظر بتسليم القوائم المالية أو البيانات المالية للوقف عن عام محدد أو عدد من الأعوام المنقضية، إلا أنه هنا يتعين تحرير الدعوى تحريرًا كافيًا وكذلك ما يطلبه المستحق، وفي حال أردت تقديم دعوى تسليم مستندات ضد الناظر؛ فيمكنك التواصل معنا من خلال “الواتساب”.

اقرأ عن/ وفاة ناظر الوقف وما يترتب عليها

9- تسجيل الوقف وأصوله، وتحديث بياناته ومعلوماته:

مما أوجبتْه لائحة تنظيم أعمال النظارة هو أنه يجب على ناظر الوقف تسجيل الوقف وكافة أصوله الموقوفة التابعة له لدى الهيئة العامة للأوقاف خلال ثلاثين يوم عمل من تاريخ توثيق الوقف، كما وأرسَت اللائحة وُجوب تحديث بيانات ومعلومات الوقف خلال (15) يوم عمل من وقت أن يطرأ أيٍّ جديد عليه، سواءً كان تغيرًا على الأصل الموقوف أو الموقوف عليهم أو على النظارة، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة (8) من لائحة تنظيم أعمال النظارة.

10- تنفيذ شرط الواقف وعدم مخالفته:

في هذه الفقرة -ومن واقِع خبرتنا في إدارة الأوقاف ومتابعة القضايا بشأنها- نتناوَل العديد من الجوانب المهمة فيما يتعلَّق بشرط الواقف.

التعريف: شرط الواقِف هو: الضوابط أو الشروط التي يُحدِّدها الواقف (الذي يقوم بوقْف ممتلكاته)، وذلك من طريقة إدارة الوقف، أو استثماره، أو مدته، أو تحديد مَصارِفه، ونحو ذلك من الشروط التي يجِب أن يُلتَزَم بها الناظر.

الحجية: لقد جاء الشرع الحنيف -والنظام له تَبَع- بإضفاء الحجية البالغة على شرط الواقف، حتى نَصَّ الفقهاء على قاعدة جليلة، وهي: “نَصُّ الواقِف كنَصِّ الشارِع”؛ أي أن له حجية في التنفيذ والاتِّباع والإرعاء عليه.

ومما أعطى شرط الواقف مزيد الحجة في النظام السعودي؛ هو ما نصَّت عليه لائحة تنظيم أعمال النظارة في مادتها التاسعة، حيث ورد فيها: “يجب على الناظر الالتزام بالآتي:

1- تنفيذ شرط الواقف وعدم مخالفته، وذلك وفق الاعتبارات الشرعية والنظامية. 2- التحقُّق من شرط الواقف وفهم مقتضياته وفقًا لأصول تفسير النصوص لغةً وشرعًا وعُرفًا، وللناظر أن يتقدم بطلب تفسير شرط الواقف محررًا إلى الواقف في حال حياته، أو الجهة المختصة في حال عدم وضوحه. 3- تنفيذ شروط الواقف، فإن تعارضت الشروط جمع بينها ما أمكن، فإن تعذر الجمع؛ نفَّذ ما يكون أقرب إلى مقاصد الواقف. وفي جميع الأحوال لا يجوز للناظر ترك العمل بأي شرط للواقف إلا بعد الحصول على إذن من الجهة المختصة. 4- إعداد اللوائح الداخلية للوقف بما يتوافق مع شرط الواقف وأحكام اللوائح والتعليمات التي تصدرها الهيئة، وذلك للأوقاف الكبيرة والمتوسطة. 5- عدم مخالفة شرط الواقف إلا في حال اقتضت مصلحة الوقف ذلك، وبعد الحصول على إذن الجهة المختصة.

ومن التأمُّل في تلك المادة يتبيَّن أن عمل ناظِر الوقف على ثلاثة مَحاور حيال شرط الواقف:

الأول: الالتزام؛ إذ يتعيَّن على ناظِر الوقف اتِّباع شرط الواقف بحذافيره، وبذْل أقصى عناية ممكنة في تطبيقه وتنفيذه، بحيث يُنفَّذ بأحسن صورة، وبأعلى درجات الاستفادة للوقف وللمستحقين لريعه.

الثاني: الاجتهاد؛ وهذا يكون إما بالاجتهاد في تفسير شرط الواقف؛ في حال إبهامه أو كان غير واضِح، فإن لم يستطع تفسيره فيرجِع إلى الواقِف نفسه في حال حياته، وإن لم يكُن على قيد الحياة؛ فإن ناظر الوقف يتقدَّم بطلب إلى الجهة المختصة لتفسيره.

وإما أن يكون بالاجتهاد في الجمع بين شروط الواقف حال تعدُّدها وتعارُضها مع بعضها البعض، أو تعارُضها مع مصلحة الوقف، فيُطبِّقها جميعًا إذا أمكن الجمع بينها، وإن تعذَّر ذلك نفَّذ أولاها وأقربَها وأرجحها وأكبرها، ويُرتِّب الشروط على الأولوية، بما يحقق مصلحة الوقف والمُستحِق على حَدٍّ سواء.

الثالث: عدم التنفيذ؛ وذلك في حالتَين، إما لأن شرط الواقف مُخالِف للشريعة ابتداءً، ففي هذه الحالة يُعدَل عنه ولا يُطبَّق؛ أو أن يكون شرط الواقف مُتعارِض مع مصلحة الوقف تمامًا، بحيث إذا طُبِّق ضاع الوقف وتأثرت منفعته سلبًا.

اقرأ عن/ كيفية توزيع الوقف على مستحقيه

11- إعداد اللوائح الداخلية للوقف:

ومما يستحِق أن يُفرَد بالذِّكر من نَص المادة التاسعة من اللائحة، هو مسألة إعداد اللوائح الداخلية بما يتوافَق مع شرط الواقف، وذلك مُتعيِّن لُزومًا في الأوقاف الكبيرة والمتوسطة، بشرط أن يتوافَق ذلك مع التعليمات والتوجيهات التي تُصدِرها الهيئة العامة للأوقاف بالمملكة العربية السعودية.

وإن تحديد تلك اللوائح وإعدادها والاهتمام بالعمل بموجبها يهدِف إلى تنفيذ شرط الواقف كما ينبغي، ووضع ضابِط له داخل مُنشآت الوقف، بحيث لا يُستساغ مخالفته؛ سعيًا لإحراز أهداف الوقف بما قررتْه الشريعة والنظام، وشرط الواقف المتوافق معهما.

ومما يدخل ضمن روائح تنظيم عمل الوقف وضع آلية لتعيين الناظر أو مجلس النظارة، وكذلك تعيين المجلس الإشرافي، وحصر المستحقين في قائمة معلنة مع تحديث بياناتها أولًا بأول، ووضع آلية لتقديم طلبات المستحقين وشكواهم، ووضع لائحة إدارية لتنظيم أعمال الإدارة التنفيذية للوقف، وما إلى ذلك، ولنا -بفضل الله تعالى- خبرة كبيرة في إعداد لوائح تنظيم أعمال الوقف، ويمكنكم التواصل معنا من أجل إعداد لائحة خاصة لكم.

12- آلية التواصُل:

ربما كان لمُستحِقِّي الوقف شكاوى أو اقتراحات معينة لتنمية الوقف، ويتعذَّر عليهم الوُصول لناظر الوقف لإبلاغه بذلك؛ وتلافيًا لهذا، وإرعاءً على مصلحة الوقف والمُستحِقين؛ فقد أوجبَت المادة العاشرة من لائحة تنظيم أعمال النظارة على ناظر الوقف وضع آلية للتواصل مع أصحاب المصالح المرتبطين بالوقف -إما مُستثمرين مثلًا أو مستأجرين ونحوهم، أو الموقوف عليهم-، وذلك بهدف تلقي الاستفسارات والاقتراحات والشكاوى ومعالجتها.

13- حفظ وثائق الوقف:

لقد قررت المادة (15) من اللائحة وُجوب حفظ وثائق الوقف ومراسلاته بطريقة منتظمة؛ فمن ناحية يكون للوقف أرشيف تُحفَظ فيه الوثائق والمستندات للرجوع إليها عند الحاجة، وهذا يُساعد في كفاءة إدارة الوقف والتبصُّر الدائم بما له وما عليه، ومن ناحية أخرى اتقاءً للجحود الذي قد يصدُر من أحد المستفيدين أو نحوهم.

14- إعداد الموازنة التقديرية والقوائم المالية:

من الواجبات المُلقاة على عاتق ناظر الوقف هي أن يكون ذا نظرة مستقبلية ثاقبة بما يعود بالنفع على الوقف، وبما يُدِرُّ أحسن النِّتاج على المُستحِقِّين، وتحقيقًا لذلك؛ فإنه يتعيَّن عليه إعداد موازنة مالية لكافة أنشطة الوقف، وبيان ما تؤول إليه هذه الموازنة من منفعة، ويؤخَذ في الاعتبار إمكانات الوقف واحتياجاته الحالية والمستقبلية؛ أشبَه ما يكون بدراسة الجدوى عن الوقف.

وكذلك؛ يتعيَّن على ناظر الوقف إعداد قوائم مالية مدققة للوقف، والتي يجب أن تكون معتمدة من محاسبين ومراجعين معتمدين إذا ما كانت الأوقاف متوسطة أو كبيرة. وإن ذلك كله قد بينتْه المادة (15) من لائحة تنظيم أعمال النظارة بيانًا وافيًا.

15- إعداد بيان مالي للأوقاف الصغيرة:

فقد أفردت اللائحة بالذِّكر الأوقاف الصغيرة والأوقاف ذات الانتفاع المباشر في حال وجود واردات ومصروفات، بأنه يجِب إعداد بيان مالي لها بشكل سنوي؛ حيث يوضِّح واردات ومصروفات الوقف.

16- التفرُّغ لنِظارة الوقف:

إن الوقف من الأعمال الكبيرة ذات الأهمية البالغة شرعًا ونظامًا، وإنه كي تُدار بأفضل صورة؛ فإنه يتعيَّن على ناظِر الوقف أن يكون متفرغًا لإدارة الوقف، مُخصِّصًا الوقتَ والجهد اللازمَين الكافيَين لتحقيق منافع الوقف والوُصول إلى الأهداف المرجوة منه، وللقيام بمهام النِّظارة بأعلى درجات الكفاءة؛ ولو افتُرِض أن الناظر غير متفرغ بشكلٍ تامٍّ لإدارة الوقف، وأنه منشغل بأعمال أخرى؛ فيجب ألا تتعارَض تلك الأعمال ومصالح الوقف، وفي هذا السياق؛ فللواقِف أن يشترِط التفرُّغ التام لإدارة الوقف، وعندئذ لا يجوز لناظر الوقف مباشرة أي أعمال أخرى غير نِظارة الوقف، وذلك كله لما قررتْه المادة (17) من اللائحة.

17- المحافظة على السرية:

إذ يُحظَر على الناظر الإفصاح عن البيانات والمعلومات التي يطلع عليها أثناء ممارسة أعمال النظارة؛ إلا ما استثناه الشرع والنظام، وهذا بحذافيره ما ورد في (22) من لائحة تنظيم أعمال النظارة، كما أن الحِفاظ على السرِّيَّة مُمْتَدٌّ لما بعد انتهاء علاقة الناظر بالوقف، وذلك لما في ذلك من خصوصية للوقف، وحساسية لمعلوماته وبياناته.

ثالثًا: صلاحيات ناظر الوقف:

حتى يتمكَّن ناظر الوقف من الإدارة السليمة ذات الكفاءة للوقف؛ فإنه ينبغي منحه من الصلاحيات ما يُتيح له ذلك، وذلك إرعاءً على مصلحة الوقف والمستحقين، وحرصًا على استقرار النِّظارة وأعمالها، وإن صلاحيات ناظر الوقف مُحدَّدة حصرًا في لائحة تنظيم أعمال النظارة، وكذلك فيما استقرَّ عليه القضاء في المملكة العربية السعودية، ويُمكِن إجمالها في الأصول العامة التالية:

1- فيما يتعلق بالتقاضي:

فلناظر الوقف الصفة في تحريك الدعاوى، ومراجعة الجهات المختصة، وله الحق في المرافعة والمدافعة عن الوقف، وتمثيله قضائيًّا، وذلك بما نصَّت عليه المادة (11/2) من اللائحة.

2- فيما يخص مستندات الوقف:

فإن الناظر له الاطلاع على أي مستندات تخُص الوقف لدى أي جهة مختصة، وطلب أي مستند له علاقة بالوقف، وذلك بنص المادة (11/3) من اللائحة.

3- في المعاملات المالية:

فللناظر إصدار شيكات لنفسه كسُلْفة لأعمال الصيانة الخفيفة، على أن يكون ذلك بما لا يُجاوز نصف عُشر الغلة (5%) ويتعيَّن أن يكون الصرف منها موثَّقًا بالفواتير. وهذا مما استقرَّ عليه القضاء.

4- فيما يخُص تفويض الغير:

فإن له توكيل غيره فيما أسند إليه، على أن تكون أجرة الوكيل مستقطعة من أجرة الناظر إذا كانت مفروضة لا من أصل الغلة، فإن لم تكن مفروضة فليس له استقطاع شيء من أصل الغلة للنظارة أو الوكالة إلا بعد استئذان المحكمة المختصة.

علمًا بأن كل من الناظر والمفوض بالإدارة يُصبحان مسؤولين بالتضامن عن جميع الأعمال التي يقوم بها المفوض، وذلك في مواجهة الهيئة العامة للأوقاف أو المستحقين أو قاضي الأوقاف، وهذا استنادًا لما نصت عليه المادة (11/4) من لائحة تنظيم أعمال النظارة.

5- الإشراف على توابع الوقف:

فمن صلاحيات الناظر أن يقوم بالإشراف على الكيانات التابعة للوقف، وأن يُتابِع أعمالها ومهامها ووارداتها وصادراتها ونتائج أعمالها، وله الاطلاع على بياناتها ومعلوماتها وكافة ما يتعلَّق بها، واتخاذ القرارات حيالها بما يُحقق الغبطة والمصلحة للوقف، وذلك وفق ما جاء في المادة (11/5) من لائحة تنظيم أعمال النظارة.

رابعًا: ضمانات المواجهة بالمخالفات:

قد يصدُر من ناظر الوقف مُخالفات أثناء نِظارته للوقف؛ فقد يقَع منه الخطأ في الإدارة بما يعود بالتأثير السلبي على الوقف وعلى ريعه ومستحقيه؛ فإن بَدَر منه ذلك، فإن النظام قد منحه الضمانات الكافية وقتئذ، من سماع أقواله، ودفاعه عن نفسه، وحمايته وعدم التعرُّض له، ونحو ذلك مما تشتمله لفظة “ضمانات”، وذلك بنص المادة (11/6) من لائحة تنظيم أعمال النظارة، إلا أنه في هذه الحالة يُفضل عدم مواجهة الناظر للمخالفات بمفرده وإنما الاستعانة بشركة محاماة متخصصة للدفاع عنه.

اترك تعليقًا