ما هو التلفظ المُعاقَب عليه؟
كرامة أي شخص محفوظة ولها حُرمة يُقررها الشرع والنظام، وبالتالي؛ كل كلمة أو لفظ أو إشارة أو عبارة من شأنها أن تُقلل من كرامة الشخص أو تحمل نوع من أنواع الإهانة أو التحقير سواء المباشرة أو غير المباشرة، فيكون هذا تلفظًا محُرمًا، ويتم معاقبة المُتلفِظ بالعقوبة المقررة له.
والتلفظ له درجات حسب شدة وجسامة اللفظ نفسه، ويمكننا تقسيم التلفظ إلى نوعين رئيسين، هما:
1- السب أو الشتم: وهو الإهانة أو التحقير من شخص بألفاظ بشكل عام دون المساس بشرفه أو عرضه، فالسب والشتم هو مصطلح واسع يشمل أي إهانة لفظية تتضمن استخدام كلمات أو تعابير تحمل معاني بذيئة أو سوقية لذم شخص ما، ولكن لا تصل إلى حد الطعن في الشرف والعرض.
2- القذف: هو توجيه اتهامات محددة ضد الشخص تمس شرفه أو عرضه، بحيث تشتمل الألفاظ أو الكلمات على تجريح صريح في شرف الرجل أو المرأة، بمعنى أوضح فالقذف هو التلميح أو التصريح بارتكاب الزنا أو النكاح غير المشروع، ويتحقق القذف بأي لفظ دال على هذا المعنى، ويرجع تقديره للقاضي.
وتتمثل أهمية هذه التفرقة في أن كل نوع من هذه الأنواع للتلفظ يكون له عقوبة مختلفة، ولا شك أن عقوبة القذف هي الأكثر جسامة؛ فتصل إلى الجلد.
عقوبة التلفظ على شخص
تختلف عقوبة التلفظ على الشخص تبعًا لاختلاف نوع الألفاظ التي تم قولها، فالسب والشتم عقوبته مختلفة عن القذف، ونُبينهم فيما يلي:
1- الشتم والسب: العقوبة فيه تكون تعزيرية أي تخضع لتقدير القاضي واجتهاده؛ إذ لا يوجد نظام يُحدد حدًا أدنى وأعلى للعقوبة في هذا الشأن، وبالتالي؛ يكون القاضي هو المسؤول عن تقدير العقوبة التي يراها مناسبة بالنسبة للمُتلفِظ، وذلك تبعًا لدرجة جسامة اللفظ وبذائته، فكلما كان اللفظ أقل بذائة كانت العقوبة خفيفة، والعكس صحيح. والأحكام الصادرة عن المحاكم الجزائية السعودية تُبين أن عقوبة التلفظ على الشخص بالشتم والسب تتراوح ما بين:
- كتابة التعهد بعدم العودة لمثل ما بدر من المُتلفِظ.
- السجن لمدة أيام معدودة وبحد أقصى ثلاثة أسابيع.
- السجن لمدة شهر إلى ثلاثة أشهر.
2- أما القذف: فعقوبته مُحددة بنص الشريعة الإسلامية وهي (الحد) بـ(80) جلدة على القاذف، ومستنده قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ) [النور : 4]
3- العقوبة المعلوماتية: إذا كان التلفظ الذي قام به الشخص قد تم من خلال إحدى الوسائل الإلكترونية مثل: (منصات التواصل الاجتماعي، أو تطبيقات التواصل على الجوال، أو المواقع الإلكترونية)؛ فحينها لا يكون المُتلفِظ معرضًا للعقوبات المذكورة أعلاه فقط، وإنما يكون أيضًا مُرتكبًا لجريمة معلوماتية، ومن ثَم؛ يكون معرضًا لعقوبة نظامية منصوص عليها في الفقرة (5) بالمادة (3) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وتتمثل تلك العقوبة في:
- السجن إلى مدة تصل لـ(سنة) كاملة.
- أو غرامة تصل إلى (500) ألف ريال.
- أو العقوبتين معًا (السجن + الغرامة).
ويرجع تحديد العقوبة في هذا الشأن إما بالسجن فقط أو الغرامة فقط أو الاثنين معًا ومقدار أيٍ منهما للقاضي ناظر الدعوى.
4- الإلزام بالتعويض: إن جميع العقوبات المذكورة أعلاه تتعلق بالحق العام الذي تُطالب به النيابة العامة، وهذا يختلف عن الحق الخاص المتعلق بالشخص المضرور الذي تعرض للتلفُظ؛ إذ يكون من حقه -على استقلال- مُطالبة المُتلفِظ بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نفسيًا ومعنويًا.
اقرأ المزيد عن/ الحق الخاص في السب والشتم
ما الأدلة المعتمدة في إثبات التلفظ؟
حتى يقوم القاضي بإنزال العقوبات على المُتلفِظ؛ فيجب أن يُثبِت المدعي (سواء النيابة العامة أو المدعي بالحق الخاص) قيام المُتلفِظ بهذا الفعل، ولا يوجد حصر للأدلة التي يمكن إثبات التلفظ بها، فيمكن أن تم إثباتها بـ(شهادة شهود، اعتراف المُتلفِظ نفسه، رسائل محادثة يثبُت عائديتها للمُتلفِظ، وغيرها من الأدلة).
تعرف على/ شروط رفع دعوى سب وشتم