كم مبلغ تعويض الخطأ الطبي (صيغة الدعوى وإجراءاتها) 1447هـ

كم مبلغ تعويض الخطأ الطبي

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 

كثيرًا ما يحتاج المرء لمُراجعة الأطباء فيما ينتابه من وعكات صِحِّيَّة ومشكلات بدنية، وفي سبيل ذلك؛ فإنه يتحرَّى أن يتخيَّر الطبيب الثقة الذي له باع في المهنة، ويُشهَد له بالفضل والعدالة، وربما يبحَث عمَّن يُقِرُّ له بالمهارة والاحترافية في أداء مهنته من المرضى أو الحالات التي كتَب الله شفاءها على يده.

لكن في الوقت ذاته.. قد يُخطئ الطبيب خطأً طِبيًّا يؤثِّر سلبًا على صحة المريض، وينعكس بالضرر على بدنه ونفسه؛ بحيث يصِف له دواءً خاطئًا فتزداد المُضاعفات عليه، أو يُخطئ في تشخيصه من الأساس، أو يُقصِّر في اتِّخاذ الإجراءات الواجب اتِّخاذها في مِثل حالته؛ وغير ذلك من نماذج الأخطاء التي نستعرِضها في هذا المقال بالغ الأهمية.

ما هي الحالة التي تعتبر خطأ طبي؟

لقد رصدَت المادة (27) من نظام مزاولة المهن الصحيةأبرَز الأمثلة على الأخطاء الطبية التي قد تصدُر عن المُمارِسين الصحيِّين، وربما يُمكِن إجمالها تحت بعض الضوابط العامة، كالاستهتار والجهل والتقصير؛ وإليك نص المادة، وما احتوتْه من نماذج للأخطاء الطبيَّة الوارِد حُدوثها:

كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم من ارتكبه بالتعويض، وتحدد (الهيئة الصحية الشرعية) المنصوص عليها في هذا النظام مقدار هذا التعويض، ويعد من قبيل الخطأ المهني الصحي ما يأتي: 1- الخطأ في العلاج، أو نقص المتابعة. 2- الجهل بأمور فنية يفترض فيمن كان في مثل تخصصه الإلمام بها. 3- إجراء العمليات الجراحية التجريبية وغير المسبوقة على الإنسان بالمخالفة للقواعد المنظمة لذلك. 4- إجراء التجارب أو البحوث العلمية غير المعتمدة على المريض. 5- إعطاء دواء للمريض على سبيل الاختبار. 6- استخدام آلات أو أجهزة طبية دون علم كافٍ بطريقة استعمالها، أو دون اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع حدوث ضرر من جراء هذا الاستعمال. 7- التقصير في الرقابة والإشراف. 8- عدم استشارة من تستدعي حالة المريض الاستعانة به. ويقع باطلًا كل شرط يتضمن تحديد أو إعفاء الممارس الصحي من المسؤولية“.

وبالتأمُّل في المادة وما أشارَت إليه يتبيَّن لك العديد من الأمور التي يجِب أن تكون نُصب عَينيك عند تطبيق هذه المادة على أرض الواقع، وهذا بيانها:

ما هي الحالة التي تعتبر خطأ طبي

1- يجب أن يكون الخطأ الطبي صادِرًا من المُمارِس الصحي نفسه، لا من غيره من موظفي المستشفى مثلًا أو المُجمَّع الطِّبي، أو أن يكون الخطأ مترتِّبٌ على سوء اتِّباع المريض لتعليمات الطبيب؛ بل لا بد أن يكون صادرًا من الطبيب أو المُمارِس الصحي نفسه حتى يُمكن مُحاسبته عليه.

2- حتى تصِح المُطالبة بالتعويض عن هذا الخطأ الطبي؛ فإنه لا بد أن يكون قد نتَج عنه ضَرر واضِح وواقعِي وثابِت في وقت تقديم الشكوى أو إقامة الدعوى.

3- إن تلك المادة لم تُحدِّد الأخطاء الطبية على سبيل الحصر، وإنما اكتفَت بذِكر أغلبها، وإيراد الشائع منها، وإن ما أوردته تلك المادة يندرِج تحته غالبية ما يُمكِن أن يقَع من الأخطاء الطبية.

4- لا يجوز إعفاء الطبيب ولا المؤسسة الصحية من المسؤولية تجاه الخطأ الطبِّي، ولا تحديد بعض الأخطاء التي تقع تحت طائلة المُطالبة دون غيرها! حتى وإن كان النص على الإعفاء موجودًا في أي استمارة أو خطة علاجية أو نحوه يوقِّع عليها المريض من قبل الشروع في معالجته؛ فيقَع باطلًا لا محالة.

الأمثلة على الأخطاء الطبية

واستهداءً بنصِّ المادة سالفة البيان، والتي أجمَلَت الأصول العامة التي تندرج تحتها مُعظَم الأخطاء الطِّبيَّة؛ فهذه بعض الأمثلة -وبطريقة عملية- لتسهيل معرفة الخطأ الطبي والدقة في تحديده:

1- مريض يشكو من ألم في معدته مصحوبًا بأعراض تُرجِّح إصابته بسرطان المعدة؛ فاتَّجَه الطبيب إلى توصيفه بأنه مغَص كُلوي، وبدأ خطته العلاجية وفقًا لهذا التشخيص؛ فأخطأ في التشخيص وأخطأ في المعالجة، فوقع الخطأ وحصل الضرر بتأخر اكتشاف المشكلة الحقيقة.

2- مريضة تشكو من تقلُّصات غير طبيعية في الرحم أثناء الحمل في شهرها الرابع؛ فلما راجعَت طبيبة النساء والتوليد اكتفَت الطبيبة بوصْف بعض المُسكِّنات لها، دون إجراء سونار أو أشعة أو تحاليل؛ ثم اكتُشِفَ بعد ذلك أن هذه مُقدِّمات سُقوط للجنين! فهذا خطأ في اتخاذ الإجراءات اللازمة.

3- طبيب مُتخصِّص في جراحة العِظام؛ أجرى جراحة لمريض يشتكي من تسوُّس العِظام، ثم بعد ذلك اتَّخَذَ قرارًا ببتْر قدَم المريض -التي يُمكِن تسليك عِظامها من التسوُّس-، فبَتَرَها دون موجِب طِبِّيٍّ لذلك؛ فهو بذلك اتخذ إجراءً خاطئًا أثناء الجراحة.

4- امرأة حامِل ذهَبَت مع والدتها المُسِنَّة للفحص لدى طبيب المسالك البولية، وطلب الطبيب أشعَّةً مقطعيَّةً ليتمكَّن من التشخيص المُناسِب؛ فأدخَل المرأة المُسِنة رفقة ابنتها الحامِل إلى غُرفة الأشعة، ومكثَت هذه المرأة الحامل ما يزيد على نصف الساعة بجوار والدتها وهي تُجري الأشعة؛ فأدَّى الإشعاع المُنبعِث أثناء إجراء الأشعة إلى تشوُّه الجنين، فالطبيب بذلك أخطأ في استعمال الأدوات الطبية، جاهلًا بالعواقِب المترتبة على سوء استعمالها. وغير هذا من الأمثلة الكثير.

مسؤولية الطبيب عن الخطأ الطبي

ومن مجموع ما سَبَق بَيانُه يتبيَّن لك أن المسؤولية لا محالة تقَع على الطبيب حيال أي خطأ طِبِّيِّ صادِر عنه، بالمعايير والاعتبارات التي حددتْها المادة (27) من نظام مُزاولة المهن الصحية وفق ما شُرِحَ أعلاه؛ وإن المسؤولية التي تتعلَّق بالطبيب أو المؤسسة الصحية تجاه الخطأ الطبي لها أنواع ثلاثة:

مسؤولية الطبيب عن الخطأ الطبي

1- مسؤولية عقْدية: وهي بشكْل أدَق تقَع في العلاقة التي بين المؤسسة الصحية والطبيب، ولا شأن للمريض بهذه المسؤولية.

2- مسؤولية تقصيرية: وهي التي تترتَّب عن إجراء طِبيِّ خاطئ من طبيب يعمل بشكل رسمي داخل المنشأة، ونتج عن هذا الإجراء الخاطئ ضرر يستوجب المحاسبة ويقتضي التعويض، ولا بد ههنا من إثبات الخطأ بشكل واضِح، والضرر المترتب عليه، والربط بين الخطأ والضرر بإثبات علاقة السببية بينهما؛ فهذه هي أركان المُطالبة بالتعويض عن المسؤولية التقصيرية.

3- المسؤولية الجنائية أو الجزائية: وذلك بأن يجني الطبيب على المريض جِناية لا مُبرِّرَ لها طِبيًّا؛ كأن يُقرِّرَ بَتْر إصبَع من القدم لأجل مرض السُّكري، ثم يحيف فيبتر ثلاثة أصابع بلا حاجة! فتكون بذلك جناية، ولإثباتها لا بد من إثبات القصْد الجنائي إلى جانب الركن المادي الواقِع ببتْر الأصابع الزائدة بلا حاجة.

ولتضَع في الاعتبار تلك المُلاحظة المُهمة: في كل أنواع المسؤولية عن الخطأ الطِّبي، فإن المؤسسة الصحية التي يعمل بها الطبيب تكون طرفًا في المُطالبة، وتقَع في مواجهتها المسؤولية أيضًا بالتضامُن مع الطبيب المخطئ، وذلك لأن الخطأ وقَع تحت إدارتها وعلى أرضها وفي مبانيها، فهذه المسؤولية ما توصف بـ”مسؤولية المَتْبوعِ عن أفْعال تابِعيه“.

طريقة تقديم شكوى خطأ طبي في السعودية

كيفية إثبات الخطأ الطبي وطريقة تقديم الشكوى

إن إثبات الخطأ الطبي لا يكون بمجرد الإخبار به أو رَصْده أو إرسال بريد بتفاصيله أو نحو ذلك؛ ولكن لإثبات خطأٍ طِبيٍّ ترتَّب عليه ضرر يوجِب التعويض؛ فلا بد أن تتبِع الإجراءات النظامية الواجب فعلها في تلك الحالة، وهي على النحو التالي:

1- تقديم شكوى في إدارة الشكاوى في المُنشأة الطبية التي وقَع فيها الخطأ الطبي، فتقوم الإدارة بدَورِها بإحالة الشكوى إلى جهة خِبرةٍ داخليَّة لديها، ومِن ثَم إبداء رأيٍ طِبِّيٍ صادِر عن لجنة ثُلاثية بتقدير الوضْع، وهل ما وقع خطأ أم لا، وإلى مَن يرجِع هذا الخطأ، وهل يقتضي مُحاسبة الطبيب أو تعويض المتضرر عنه أم لا، ونحو ذلك، علمًا بأن المنشأة تُحاوِل التسوية الودِّيَّة بينها وبين المتضرر عن طريق جلسة تسوية ودية.

2- فإن لم يكُن الرأيُ الطِّبِّيُ صحيحًا أو مُرضيًا ومتناسبًا مع حجم الضرر الحاصل، أو تعذَّر الصلح؛ فإنه تُقدَّم شكوى إلى وزارة الصحة فيها كل التفاصيل التي حدَثَت -عبر الموقع الإلكتروني لها، أو عبر الاتصال بأرقامها المتاحة على الصفحة الرسمية لها، أو كتابيةً بتعبئة نموذج (1) نموذج رفع شكوى طبية-، ويجب أن تشتمل الشكوى كتابةً على الآتي:

طريقة تقديم شكوى خطأ طبي في السعودية
  • بيانات مقدم الشكوى.
  • بيانات شخص يمكنه التواصل معه في ذات الشأن.
  • بيانات المنشأة الصحية محل الشكوى.
  • بيانات المشتكى عليه/عليهم، في حالة عدم معرفة اسم المشتكى عليه يتم تحديد الجهة (الطبيب المعالج، فريق التمريض، الكادر الطبي المعالج، المنشأة الصحية).
  • تفاصيل الشكوى الطبية (تاريخ الإجراء الطبي، ملخص الشكوى الطبية، ما هو الأثر المترتب من الإجراء الطبي المشتكى بسببه)، طلبات الشاكي (واضحة ومُركَّزة)].

3- ومن ثَم تُحيل الوزارة الشكوى إلى لجنة مُختصة بالنظر في المخالفات المتعلقة بتطبيق نظام المهن الصحية؛ لتقدير الوضع، والوقوف على الخطأ واستبيان حجم الضرر، ومن ثم يكون تقدير التعويض المناسب.

4- ثم بعد ذلك تقوم الوزارة بدَورها بتحرير دعوى بالوقائع التي ثبتت لديها، والتي تثبت الخطأ والضرر، ثم تُحيلها إلى المحكمة العامة؛ إذ من اختصاصها النظر في الدعاوى المتعلقة بالأطباء والهيئات والمؤسسات الطبية -وفق ما قرره تعميم المجلس الأعلى للقضاء رقم (1712) وتاريخ 17/07/1442هـ-، ويكون مُرفقًا مع هذه الدعوى مرفقات مؤثرة من قِبَل وزارة الصحة، مثل:

مرفقات دعوى الخطأ الطبي
  • إفادة الممارس الصحي: وذلك من بعد التحقيق مع المُخطئ المتسبب في الضرر (الطبيب أو الممارس الصحي).
  • رأي الخبير: حيث تُبدي فيه لجنة النظر في المخالفات الناشئة عن تطبيق نظام المهن الصحية رأيها فيما وقع من الممارس الصحي من الخطأ، وتُقدِّر التعويض المترتب عليه.
  • تقدير نسبة العجز: وفيه يوصِّف الخبير توصيفًا دقيقًا ما حدَث من ضرر للمريض بفقدان عُضو أو تلفه، ونسبة هذا الفقدان أو التلف.
  • إقرار بتحمُّل التكاليف القضائية: وهو إقرار يوقِّع عليه الشاكي بتحمُّل أي تكاليف قضائية في الدعوى.

5- ثم يتلقى المشتكى إشعارًا من المحكمة العامة بتقييد دعوى بخصوص شكواه الطبية، وفي هذا الإشعار تُحدَّد موعد الجلسة الأولى، ويجب التنبُّه إلى عدم الاكتفاء بصحيفة الدعوى المُقدَّمة من وزارة الصحة؛ وعلى المشتكي أن يُحرِّر صحيفة دعوى وافية مُحيطة بكل جوانب الشكوى، وتوصيف الإجراءات، وتحديد الخطأ بدقة، وذِكر الضرر المترتب عليه بشكل وافٍ، وذِكر الإجراءات التي كان يجب اتباعها -إن تيسَّر-، وما إلى ذلك من بيانات مهمة.

وهنا يأتي السؤال: كيف يُقدَّر التعويض؟ وما هي المبالغ التي يُعوَّض بها؟ وهل يتفاوَت التعويض بتفاوُت الضرر؟

كم مبلغ التعويض عن الخطأ الطبي؟

إن أكبر ما يشغَل المتقدِّم بدعوى المطالبة بالتعويض عن الخطأ الطبي هو مبلغ التعويض، وكيف سيتم تقديره، وهل سيكون جابرًا أم لا؟ ونحو ذلك من التساؤلات التي نُجيب عنها في هذه الفقرة بوضوح واستفاضة.

بدايةً؛ إن التعويض يُقدَّر استنادًا إلى ما نصَّت عليه المادة (27) من نظام مزاولة المهن الصحية، وبعض المواد الأخرى من النظام نفسه -بحسب الأحوال-، كما سيأتي بيانُه؛ وكذلك بناءً على جاء في المادة (120) من نظام المعاملات المدنية، والتي تنص على: “كل خطأٍ سبب ضررًا للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض“.

وإن مبلغ التعويض يتفاوَت بتفاوُت الخطأ والضرر المترتب عليه، وكذلك يختلف بحسب تقدير الخبير، وبحسب تقدير لجنة النظر في المخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام نظام مزاولة المهن الصحية، فإن التعويض يكون تقديريًّا على كل حال؛ فربما كان التعويض مثلًا عن أرْش جِناية طبيب (الفرق المُقدَّر بين ما زال من العضو أو من منفعته، وما لو كان سليمًا).

أو يكون مثلًا عن عُضو كامِل؛ سواءً فُقِدَ كُليةً أو تعطَّلَت منفعته كاملةً؛ لأن التلَف كالفقْد، أو ربما كان التعويض عن فقدان المريض حياته أصلًا، وغير ذلك من أشكال التعويض المستحق عن الأضرار بحسب مقدارها؛ ويُستهدَى في ذلك بما أرستْه الشريعة الإسلامية من تقدير التعويض والأرش، والقياس على الدية أو أجزائها.

وعلى هذا؛ فقد يبدأ مبلغ التعويض من (10) آلاف ريال، وربما يصل إلى مليون ريال أو يزيد! كُلٌّ بحسب التقدير من لجنة النظر في المخالفات.

عقوبة الخطأ الطبي

إن وزارة الصحة لَها أن تُقيم دعوى بالحق العام على الطبيب أو الممارس الصحي المُخطئ، والمطالبة بأن يُطبَّق عليه حيالَ خطئه إحدى العقوبات الواردة في المواد (28، 29، 30، 31، 32) من نظام مُزاولة المهن الصحية، وتُحدَّد العقوبة بحسب الخطأ الصادر من الممارس الصحي، فربما تكون غرامةً أو سجنًا، أو كلاهما، وربما يُجمَع عليه أكثر من عقوبة مما ورد في المواد المُشار إليها.

حكم الخطأ الطبي الغير مقصود

في واقع الأمر إن الخطأ يُفترَض أنه يكون غير مقصود أصلًا، فلا يتصور أن يكون الخطأ الصادر عن الطبيب متعمدًا، وبالتالي؛ فإن عدم القصد لإحداث الضرر الناتج عن الخطأ لا أثر له في دعوى التعويض ولا يُقلل من حدة المسؤولية الواقعة على الطبيب، ولكن توجد هنا معلومة غاية في الأهمية وهي أنه إذا كان الضرر الحاصل للمريض نتج عن خطأ مقصود من الطبيب فهنا نحن لا نتحدث فقط عن نشوء مسؤولية الطبيب عن تعويض المريض، وإنما نتحدث أيضًا عن جريمة كاملة تصل إلى توقيع عقوبات تعزيرية على الطبيب نفسه.

الأخطاء الطبية وزارة الصحة

إن وزارة الصحة تقوم بدورها بالرقابة المُحكَمة على كل المنشآت والكوادر الصحية، وعلى الممارسين الصحيين، وتسعى دومًا للمراجعة الدورية لهؤلاء، والتثبُّت من جودة وكفاءة ممارستهم المهن الصحية حسب ما تقرَّر في الأنظمة واللوائح، وحسْب ما أملتْه علوم الطب وأخلاقيات المهنة، وتتعامَل مع أي خطأ يصدُر باهتمام بالِغ وبحزم وإنصاف.

فإن وزارة الصحة تنظر في الشكاوى، وتتابع نتائجها وما توصلَت إليه مع مُقدِّميها، وتتولَّى التحقيق في شأن الشكوى، وتُحيل الشكوى إلى المحكمة العامة -حسب ما تقدَّم تفصيله-، ولا تترُك الأمر هَمَلًا، وإنما تُرعي على مصلحة المريض، وعلى كفاءة الخدمة الطبية بوجْه عام، وتَجهَد في الحَدِّ من الأخطاء الطبية والأضرار الناجمة عنها مبلَغ الطاقة؛

ولذا.. فإنها قد فتَحَت أبواب الاستماع للشكاية على مِصراعيها، وتتلقَّى المواطنين بصَدْر رحب، وأذن مصغية، ومتابعة حثيثة؛ توصُّلًا إلى تعويضٍ مُرضٍ للمريض المتضرر، وكذلك تأخُذ على يَد الممارس الصحي المُخطئ، وربما أحالتْه للتحقيق، وأقامَت في مواجهته دعوى بالحق العام؛ وذلك حفاظًا على كفاءة المهنة وتقدُّم الطب وعلومه في المملكة العربية السعودية، وذلك كله مشاركةً من وزارة الصحة في نهضة المملكة، وسعيًا لتحقيق رؤيتها الثاقبة 2030م.

صيغة دعوى تعويض عن خطأ طبي

تبدأ صيغة دعوى التعويض عن الخطأ الطبي ببيان الأعراض التي كان يشتكي منها المريض، ثم سرد لمراجعة الطبيب وبأي مستشفى وتاريخ الزيارة، ثم بيان لتوجيهات الطبيب والأخطاء الصادرة عنه، ثم تفصيلٍ للأعراض أو الأضرار التي ترتبت على هذه الأخطاء الصادرة عن الطبيب، وأخيرًا سردٍ للمواد النظامية مستند الدعوى وهي المادة (15) من نظام مزاولة المهن الصحية: “يجب على الممارس الصحي أن يجري التشخيص بالعناية اللازمة مستعينًا بالوسائل الفنية الملائمة… وأن يقدم للمريض ما يطلبه من تقارير عن حالته الصحية، ونتائج الفحوصات مراعيًا في ذلك الدقة والموضوعية“، والمادة (27) من ذات النظام، وأخيرًا يتم تحرير الطلبات في الدعوى كالتالي: (إلزام المدعى عليه بتعويضي عن الأضرار التي لحقت بي، وقدره (…..) ريال).

ويمكنكم التواصل معنا لاستلام قضيتكم من بدايتها للحصول على أعلى مبلغ تعويض ممكن.

سوابق قضائية خطأ طبي

وللتأكيد على أن مَن سَلَك تلك الإجراءات؛ فإنه سيُجبَر بتعويض مُناسِبٍ بإذن الله، ومن واقِع خبراتنا في إقامة ومتابعة الكثير من الدعاوى في هذا الشأن؛ فإننا نؤكد على أن الخطأ الطبي المترتب عليه ضرر يُعوَّض عنه، وهذا ما أقرَّه النظام، واستقرَّ عليه العمل في القضاء في المملكة، وإنَّا نورِد شيئًا من تفاصيل سابقة قضائية أدناه؛ قد أكرمَنا الله بالظَّفَر بالتعويض المُناسِب فيها لموكلنا:

تتلخَّص وقائع الدعوى في أن موكلنا قد وكَّلنا عنه في إقامة دعوى أمام المحكمة العامة، وذلك للمُطالبة بالتعويض عن خطأ طِبيٍّ يتمثَّل في: أنه راجَعَ إحدى مراكز طِب الأسنان وجراحة الوجه والفكين في الرياض، وذلك بسبب تدخُّل تجميلي بسيط لتقويم بعض أسنان الفك السفلي؛ فاتَّجَه الطبيب المُباشِر لحالته بشكل سريع إلى وُجوب إجراء جراحة في الفكِّ السفلي لتصحيح مسار الفك السفلي والأسنان فيه؛ فكان القرار خاطئًا، ومفاجئًا؛ فأجرى الطبيب الجراحة لموكلنا، فنتجَ عن تلك الجراحة العديد من التشوُّهات تمثلت في: فقدان الإحساس في النصف الأيمن من الوجه، صعوبة الأكل والمضغ، تصغير حجم الفم بشكل مُشوَّه، تشوية الوجه بأن أصبح النصف الأيمن منه أكبر من النصف الأيسر! فأقمْنا الدعوى بفضل الله، وصغنا فيها المذكرات المطلوبة، وترافَعْنا ودافعْنا عن موكلنا؛ حتى صدَر له الحكم بتعويض بمبلغ قدره (150) ألف ريال.

تقادم دعوى التعويض عن الخطأ الطبي

وآخر ما نودُّ التنويهَ عليه هو أنه ينبغي على مَن أراد أن يُطالِب بتعويضٍ عن خطأ طِبي صادِر من ممارس صحي؛ فليُبادِر بتقديم الشكوى واتِّباع الإجراءات الموضحة في هذا المقال؛ وذلك خشيةَ أن يفوته الموعد النظامي المُقرَّر لإقامة وسماع مثل هذه الدعاوى، ويمكننا تقسيم المواعيد النظامية المحددة لسماع دعوى التعويض عن الخطأ الطبي إلى شِقَّين:

الشِّقّ الأوَّل: الادعاء بالحق الخاص؛ فإنه يُمكِن أن تُسمَع الدعوى بالحق الخاص ما لم يمُر (ثلاث) سنوات بحد أقصى على تاريخ العلم بوقوع الضرر، وذلك لما قررته المادة (143) من نظام المعاملات المدنية، بما نصه: “1- لا تُسمع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء (ثلاث) سنوات من تاريخ علم المتضرر بوقوع الضرر، وبالمسؤول عنه. وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوى بانقضاء (عشر) سنوات من تاريخ وقوع الضرر“.

الشِّقّ الثاني: الادعاء بالحق العام، وهذا من شأن وزارة الصحة أن تُطالِب به لإيقاع غرامة أو عقوبة على المُمارس الصحي المُخطئ؛ وهذه الدعوى لا تُسمَع بمرور سنة دون إقامتها، ويبدأ تاريخ هذه السنة من وقت عِلم الوزارة بالخطأ الواقع من الممارس الصحي؛ وذلك وفق ما ورد في المادة (37) من نظام مزاولة المهن الصحية بما نصه: “لا تسمع الدعوى في الحق العام بعد مضي سنة من تاريخ العلم بالخطأ المهني الصحي، وتحدد اللائحة التنفيذية ضوابط العلم بالخطأ المهني الصحي“.

الأسئلة الشائعة

موضوعات أخرى قد تهمك

اترك تعليقًا