الاستئناف والنقض في قضايا المخدرات بالسعودية: دليلك لمراحل ما بعد الحكم

عندما يصدر حكم ابتدائي في قضية مخدرات، قد يشعر الكثيرون بأنها نهاية المطاف وأن الحكم أصبح نهائيًا، ولكن الحقيقة أن النظام القضائي السعودي يكفل للمتهم ضمانة من أهم ضمانات العدالة، وهي الحق في الاعتراض على الحكم.

فالحكم الابتدائي ليس سوى المرحلة الأولى، وباب الأمل في تعديله أو حتى إلغائه لا يزال مفتوحًا من خلال الاستئناف في قضايا المخدرات، ومن بعده الطعن بالنقض.

في هذا الدليل، نوضح لك في شركة نوماس للمحاماة كل ما تريد معرفته عن هذه المراحل الحاسمة، بدءً من السؤال الأهم: هل يمكن أن يضرني الاستئناف؟ وصولًا إلى كيفية بناء مذكرة اعتراض قوية.

مرحلة الاستئناف: فرصتك الثانية لتصحيح مسار القضية

بعد صدور الحكم الابتدائي من المحكمة الجزائية، يمنحك النظام أنت والنيابة العامة حق تقديم اعتراض على الحكم خلال مدة (30) يومًا، وذلك إعمالًا للمادة (192/1) من نظام الإجراءات الجزائية، بما نصه:

“للمحكوم عليه وللنيابة العامة.. طلب استئناف أو تدقيق الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى خلال المدة المقررة نظامًا..“.

وعليه؛ فإن “طلب الاستئناف”، هو فرصتك لعرض القضية من جديد أمام هيئة قضائية أعلى وأكثر خبرة (قضاة محكمة الاستئناف) لتصحيح أي أخطاء قد تكون وقعت في الحكم الأول.

“هل يضرني الاستئناف؟” أهم سؤال يجب أن تعرف إجابته

هذا هو السؤال الأكثر شيوعًا وقلقًا لدى عملائنا. والإجابة القاطعة هي: لا، لن يؤدي استئنافك أنت كمتهم إلى تشديد العقوبة عليك، ومستند ذلك المادة (17) من اللائحة التنفيذية لطرق الاعتراض على الأحكام، التي تنص على مبدأ راسخ وهو أنه:

“لا يُضار المعترض باعتراضه“.

توضيح هام: يجب أن تعلم أن النيابة العامة أيضًا لها حق الاستئناف، ومن ثَم؛ فإذا رأت النيابة أن الحكم الصادر كان مخففًا جدًا، فستقوم هي بتقديم اعتراضها للمطالبة بتشديد العقوبة، وفي هذه الحالة، إذا تمت زيادة العقوبة -لا قدر الله- فسيكون ذلك بسبب اعتراض النيابة العامة، وليس بسبب اعتراضك، وهو ما يزيد من أهمية تقديمك للاعتراض.

(7) أسباب جوهرية للاستئناف على الحكم في قضية مخدرات

قد تتعدد الأسباب التي يمكن بناء مذكرة استئناف مخدرات قوية عليها، ومن واقع خبرتنا، هذه هي أبرزها:

1. التشدد غير المبرر في العقوبة: كأن يحكم القاضي بالحد الأعلى (سنتين) رغم أنها [المرة الأولى للمتهم] والكمية المضبوطة ضئيلة.

2. الأخطاء في تطبيق النظام: مثل عدم الاعتداد بظروف المتهم التي تستدعي [تخفيف العقوبة]، أو توقيع عقوبة غير منصوص عليها.

3. الاعتماد على أدلة غير كافية: مثل بناء الحكم كاملًا على محضر الضبط فقط رغم إنكار المتهم، ودون سماع شهادة رجال الضبط، وهذا يرتبط مباشرة بـ [أسباب البراءة في قضايا المخدرات].

4- الخطأ في تكييف وصف الجريمة: وهو خطأ خطير، كأن يتم تغيير وصف التهمة من “حيازة بقصد التعاطي” إلى “حيازة مجردة“، مما يترتب عليه عقوبة أشد بكثير.

5- التعويل على إقرار مُجزأ أو ناقص: وهو خطأ شائع، كأن يُقر المتهم بملكية السيارة فقط، فيعتبره القاضي إقرارًا بحيازة المخدرات الموجودة بداخلها.

6- الإخلال بحق الدفاع: كأن لا تُمنح أنت أو محاميك الفرصة الكافية للرد على الأدلة أو مناقشة الشهود، بالمخالفة لما قررته المادة (162) من نظام الإجراءات الجزائية، بما نصه:

“إذا أنكر المتهم التهمة المنسوبة إليه، أو امتنع عن الإجابة، فعلى المحكمة أن تشرع في النظر في الأدلة المقدمة وتجري ما تراه لازمًا في شأنها، وأن تستجوب المتهم تفصيلًا في شأن تلك الأدلة وما تضمنته الدعوى. ولكل من طرفي الدعوى مناقشة شهود الطرف الآخر وأدلته بإذن من المحكمة“.

7- انعدام التسبيب أو قصوره: بألا يتضمن تسبيب الحكم أسباب كافية وصحيحة موصلة لحكم الإدانة أو أن يمتنع الحكم عن الرد على الدفوع الجوهرية المُقدمة من المتهم أو محاميه، فكل ذلك يندرج تحت أخطاء الحكم في التسبيب، وهو موجب لنقض الحكم.

وأخيرًا؛ فإن تحديد أحد هذه الأسباب الجوهرية في حكمك الابتدائي هو الخطوة الأولى، ولكن الخطوة التالية الحاسمة هي صياغة هذه الأسباب بشكل قانوني سليم ومقنع ضمن مذكرة الاعتراض التي ستقدمها للمحكمة.

لقد أعددنا دليلًا تفصيليًا يشرح هذه العملية خطوة بخطوة، اقرأ الآن عن: [طريقة الاعتراض على الحكم وكتابة المذكرة الاعتراضية].

نتائج عملية: كيف يغير الاستئناف مصير قضيتك؟ (أحكام واقعية)

إن الاستئناف ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو فرصة حقيقية لتغيير نتيجة قضيتك بالكامل. ولنثبت لك ذلك؛ فإننا نشاركك نتيجتين واقعيتين من قضايا باشرناها في شركة نوماس للمحاماة:

1. النتيجة الأولى: من الإدانة إلى البراءة التامة

في هذه القضية، كان موكلنا محكومًا عليه حكمًا ابتدائيًا بالسجن لمدة (ستة) أشهر، وبعد تقديمنا لمذكرة استئناف قوية بنيناها على ثغرات الأدلة، تم نقض الحكم الابتدائي بالكامل، والقضاء مجددًا من محكمة الاستئناف ببراءة موكلنا والإفراج الفوري عنه، إليكم صورة من تسبيب الحكم:

2. النتيجة الثانية: تخفيف جوهري للعقوبة

في قضية أخرى، كان الحكم الابتدائي أشد، حيث حُكم على موكلنا بالسجن لمدة (سنة وثلاثة أشهر). وبعد تقديم مذكرة استئناف ركزت على ظروف التخفيف، تم نقض الحكم الابتدائي وتخفيف العقوبة إلى (6) أشهر فقط، وإليكم صورة من تسبيب الحكم:

مرحلة الطعن بالنقض: الملاذ الأخير أمام المحكمة العليا

بعد صدور حكم محكمة الاستئناف، لا يزال أمامك درجة تقاضي أخيرة وهي الأعلى في المملكة:

ما هو النقض؟ هو طلب طعن على الحكم الاستئنافي يتم تقديمه أمام المحكمة العليا.

الهدف منه: المحكمة العليا لا تنظر في وقائع القضية من جديد، بل تركز على التأكد من أن الحكم لم يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة التي أصدرها ولي الأمر، وأن الإجراءات تمت بشكل صحيح.

لقد قمنا بشرح هذه الأسباب بالتفصيل في دليلنا: [الأسباب المحددة للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا].

المدة: مدة طلب النقض في قضايا المخدرات هي (30) يومًا تبدأ من تاريخ صدور حكم الاستئناف.

متى يصبح حكم المخدرات نهائيًا وواجب النفاذ؟

من المعلومات الحاسمة، خاصة للمتهمين المفرج عنهم، أن الحكم لا يصبح نهائيًا وواجب التنفيذ إلا في إحدى الحالتين:

• بصدور قرار من المحكمة العليا بتأييد الحكم الاستئنافي.
• بمرور مدة (30) يومًا على صدور حكم الاستئناف دون أن يقوم أي من الطرفين (أنت أو النيابة العامة) بتقديم طلب نقض.

ومستند ذلك ما قررته المادة (210) من نظام الإجراءات الجزائية، بما نصه:

“الأحكام النهائية هي الأحكام المكتسبة للقطعية؛ إما بعدم الاعتراض عليها خلال المدة المحددة نظامًا، أو بتأييد الحكم من المحكمة العليا أو صدوره منها..“، والمادة (212): “الأحكام الجزائية لا يجوز تنفيذها إلا إذا أصبحت نهائية“.

مع العلم أنه ليس بالضرورة أن يتم الاستدعاء لتنفيذ العقوبة بمجرد اكتساب الحكم الصفة النهائية، إذ باشرنا حالات لم يتم الاستدعاء لتنفيذ العقوبة، وكان قد دخل العفو الرمضاني، وشملهم بالعفو.

وأخيرًا، فإن الحكم الابتدائي بقضية المخدرات ليس نهاية القصة

إن نظام التقاضي متعدد الدرجات هو صمام الأمان لتحقيق العدالة، فإذا صدر بحقك حكم لا تراه عادلًا، فإن حقك في الاستئناف والنقض هو سلاحك النظامي لتصحيح المسار.

الاستعانة بمحامٍ خبير في صياغة مذكرات الاعتراض هو أمر جوهري في هذه المرحلة، فالأمر لا يتعلق فقط بتقديم طلب، بل ببناء حجة قانونية متماسكة تقنع قضاة محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا بوجود خطأ يستدعي تعديل الحكم.

لمعرفة المزيد عن الإطار العام للإجراءات، يمكنك مراجعة [دليلنا الشامل حول قضايا المخدرات في السعودية].

نحن في نوماس للمحاماة نقدم خدمة دراسة الحكم الابتدائي مجانًا، ونحدد لك مدى جدوى الاعتراض عليه وأقوى الأسباب التي يمكن الاستناد إليها. تواصل معنا لنقف بجانبك.

مقالات أخرى قد تهمك:

1- كيفية كتابة مذكرة دفاع قوية في قضية حيازة مخدرات؟

2- البينة في قضايا المخدرات: كيف تكون شهادة الشهود مفتاح براءتك؟

3- الاسترحام في قضايا المخدرات: كيفية تقديمه وشروط قبوله

4- متى يسقط حكم تعاطي المخدرات؟ الحالات نظامية لإسقاط العقوبة