هل تعيشين في علاقة زوجية مؤذية؟ هل تشعرين أن استمرار الحياة مع زوجك أصبح مستحيلًا بسبب الإهانة أو الأذى النفسي والجسدي؟ إذا كانت إجابتكِ نعم، فاعلمي أن النظام في المملكة العربية السعودية يقف بجانبكِ ويمنحكِ الحق في طلب إنهاء هذا الضرر عن طريق فسخ عقد النكاح.
الضرر ليس مجرد كلمة، بل هو سبب نظامي وشرعي قوي يمنحكِ الحق في استعادة كرامتكِ وحياتكِ، وفي هذا الدليل المبسّط والعملي، سنشرح لكِ كل ما تحتاجين معرفته عن فسخ النكاح بسبب الضرر، أنواعه المختلفة، والأهم من ذلك، كيف يمكنكِ إثبات هذا الضرر أمام المحكمة.
ما هو الضرر الذي يبيح فسخ النكاح نظامًا؟
أساس حقكِ في طلب الفسخ للضرر هو المادة (108) من نظام الأحوال الشخصية، والتي تنص بوضوح على:
“تفسخ المحكمة عقد الزواج بناءً على طلب الزوجة؛ لإضرار الزوج بها ضررًا يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف، إذا ثبت الضرر“.
ببساطة، هذه المادة تعني أنه إذا تسبب الزوج بأي أذى لكِ -سواء كان نفسيًا أو جسديًا- لدرجة أنه لم يعد من الممكن استمرار العشرة الطيبة بينكما، وثبت هذا الأذى أمام القاضي، فإن المحكمة ستحكم بفسخ نكاحكِ.
ما هي أنواع الضرر التي يعترف بها النظام؟
الضرر له أشكال كثيرة، وإليكِ أبرز الصور التي نراها في قضايا فسخ النكاح والتي يمكنكِ الاستناد إليها في دعواكِ، ومن المهم أن تعرفي أن هذا الضرر غالبًا ما يكون نتيجة لمشكلة أعمق، [كإدمان الزوج للمخدرات] الذي يؤدي إلى سلوكيات مؤذية، أو قد يترافق مع [عدم الإنفاق على الأسرة] كنوع من أنواع الضغط والإهمال.
1. سوء العشرة والإهانة المستمرة
سوء العشرة هو كل تصرف يفسد المودة والرحمة التي هي أساس الزواج، ولا يقتصر الأمر على المشاكل الكبيرة، بل يشمل السلوكيات اليومية المؤذية والمتكررة كنمط للحياة، مثل:
- الإهمال العاطفي: تجاهلك تمامًا وكأنكِ غير موجودة في المنزل.
- الانتقاد الدائم: توجيه النقد المستمر لطبخكِ، أو لشكلكِ، أو لطريقة تربيتكِ للأبناء بهدف التقليل من شأنكِ.
- التهميش: اتخاذ قرارات مصيرية تخص الأسرة (مثل الانتقال لمنزل آخر أو أمور الأبناء) دون أخذ رأيكِ.
- البخل الشديد: الامتناع عن توفير الاحتياجات الأساسية رغم قدرته المادية، ليس لعدم وجود مال، بل كنوع من التحكم والإذلال.
هذه السلوكيات تُخالف بشكل مباشر ما أمر به الله تعالى في قوله:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، كما أنه يخالف المادة (42) من نظام الأحوال الشخصية التي تلزم الزوجين بحسن المعاشرة.
2. الضرر النفسي بسبب السب والشتم
الألفاظ البذيئة والشتائم المتكررة هي من أقوى أشكال الضرر النفسي، فهي تقتل الكرامة وتترك جروحًا عميقة في النفس، وهذا يشمل:
- الشتائم المباشرة الموجهة لكِ أو لعائلتكِ.
- استخدام ألفاظ مهينة ومناداة الزوجة بأسماء لا تليق بها.
- التهديد اللفظي بإلحاق الأذى بكِ أو بمن تهتمين لأمرهم.
- السب والقذف بالطعن المباشر أو غير المباشر في الشرف.
هذا النوع من الأذى ليس مجرد تصرف سيئ، بل هو سبب قوي ومقبول لطلب الفسخ، وهو فعل محرّم شرعًا لقول الله تعالى:
“وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” [سورة الأحزاب/58]
3. الضرب والعنف الجسدي
أي اعتداء جسدي من الزوج، سواء كان متكررًا أو حتى لمرة واحدة ولكنه كان بالغ الضرر، هو سبب مشروع ومباشر لطلب الفسخ، ومن المهم أن تعرفي أن العنف الجسدي لا يقتصر على الضرب المبرح فقط، بل يشمل أيضًا:
- الدفع أو الصفع على الوجه بقوة وافتراء.
- الركل أو تقييد الحركة بالقوة بقصد الإيذاء والإزلال.
- إلقاء الأشياء الخطرة عليكِ بقصد إيذائك أو تخويفك.
فالضرب ليس فقط اعتداءً على جسدكِ، بل هو انتهاك لكرامتكِ وأمنكِ، ويجعل استمرار الحياة الزوجية مستحيلًا وخطرًا.
4. الخيانة الزوجية
الخيانة تدمر الثقة التي هي عمود العلاقة الزوجية، فإذا ثبتت خيانة الزوج، فإن ذلك يعتبر ضررًا بالغًا يمنحكِ الحق في طلب الفسخ.
ولكن انتبهي لنقطة هامة جدًا: إذ يُحظر نظامًا أخذ الأدلة (مثل الصور والرسائل) من جوال زوجكِ دون إذنه، لأن هذا قد يعرضكِ أنتِ للمساءلة النظامية.
فيجب إثبات الخيانة بطرق مشروعة، وهنا تبرز أهمية الاستعانة بمحامٍ خبير ليرشدكِ للطريق الصحيح.
السؤال الأهم: كيف تثبتين الضرر أمام المحكمة؟
الكلام عن وجود ضرر لا يكفي، بل يجب تقديم أدلة وبراهين للقاضي ليقتنع بها، فإثبات الضرر هو مفتاح نجاح قضيتك، وإليكِ أهم الأدلة التي يمكنكِ الاعتماد عليها:
1- شهادة الشهود: شهادة أفراد من الأسرة أو الأصدقاء أو الجيران الذين رأوا أو سمعوا وقائع الضرب أو السب أو الإهانة.
2- التقارير الطبية: في حال وجود عنف جسدي، فإن التقرير الطبي من مستشفى حكومي هو دليل قوي جدًا يثبت الإصابات.
3- الأدلة الرقمية: الرسائل النصية، رسائل الواتساب، أو التسجيلات الصوتية التي تحتوي على تهديد أو شتائم، بشرط أن يكون قد تم الحصول عليها بطريقة مشروعة.
4- البلاغات الرسمية: أي بلاغات سابقة قمتِ بتسجيلها لدى الشرطة أو مراكز الحماية الأسرية.
5- الأحكام القضائية السابقة: إذا كان قد صدر ضد الزوج حكم في قضية جنائية (مثل الضرب أو قضايا أخرى)، فيمكن استخدامه كدليل.
جمع هذه الأدلة وتقديمها بشكل نظامي صحيح هو الخطوة الأهم في القضية، وهنا تكمن أهمية وجود محامٍ خبير بجانبك يعرف كيف يقدم هذه الأدلة للقاضي بالشكل الأكثر إقناعًا.
ملحوظة: لا يُمكن توجيه اليمين في دعاوى فسخ النكاح، إعمالًا لما قررته المادة (93) من لائحة الأدلة الإجرائية لنظام الإثبات، بما نصه:
“لا توجه اليمين في غير الحقوق المالية“، وفسخ النكاح لا يعتبره القضاة من الحقوق المالية، وبالتالي؛ لا يمين فيه.
من واقع خبرتنا: سوابق قضائية في فسخ النكاح للضرر
لكي تتضح لكِ الصورة بشكل عملي، إليكِ مثال (مبسط) من قضية تمت مباشرتها أمام المحكمة وصدر فيها حكم بفسخ النكاح للضرر:
الزوجة كانت تعاني من سب وشتم وإهانة مستمرة من زوجها أمام أبنائها، لم يكن هناك ضرب جسدي، مما جعلها تظن أن إثبات الضرر صعب، في حين كان معها تسجيلات صوتية (تم الحصول عليها بطريقة نظامية) للزوج وهو يوجه لها ألفاظًا مهينة، عبر الواتس آب.
نتيجة القضية: اقتنع القاضي بأن الضرر النفسي الناتج عن السب والإهانة كافٍ لجعل العشرة مستحيلة، وحكم بفسخ عقد النكاح بدون عوض، وإليكِ تسبيب الحكم ومنطوقه للإفادة:
الأسباب: “فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبعد الاطلاع على أوراق المعاملة، ومن ضمنها عقد النكاح، ولما أن المدعية طلبت في دعواها فسخ نكاحها من زوجها المدعى عليه لما أوردته من أسباب حاصلها أنه يسبها ويقذفها بشكل مستمر، وحيث صادق المدعى عليه على دعوى المدعية من عقد الزوجية وإنجاب الإبنة وأنكر ما أوردته من أسباب للفسخ، ولتقديم المدعية إثبات على دعواها من تسجيلات صوتية منسوبة للمدعى عليه حسب تفصيلها أعلاه، ولما أنه ظهر الشقاق والبعد بينهما، ولما أن في استمرار الحياة الزوجية على هذا الحال بين الزوجين أمر لا تتحقق معه مقاصد النكاح في الشريعة من المودة والرحمة والعفة.. من أجل ذلك كله”.
منطوق الحكم: “فقد حكمت الدائرة فسخ نكاح المدعية من زوجها المدعى عليه بلا عوض”.
هل ترغبين في استكشاف جميع أسباب فسخ النكاح؟
هذا المقال ركزنا بالتفصيل على [الفسخ بسبب الضرر]، ولمعرفة قائمة كاملة بجميع الأسباب الأخرى التي أقرها نظام الأحوال الشخصية، يمكنكِ الرجوع إلى دليلنا الرئيسي الشامل، اقرئي الآن: [الدليل الشامل لأسباب فسخ عقد النكاح في السعودية]
أسئلة شائعة حول فسخ النكاح للضرر
هنا إجابات سريعة على أهم الأسئلة التي قد تدور في ذهنكِ:
نعم، وبكل تأكيد، فالضرر النفسي (مثل الإهانة والسب المستمر) هو سبب معتبر نظامًا تمامًا مثل الضرر الجسدي، والمهم هو إثبات أن هذا السلوك متكرر وجعل العشرة مستحيلة، كما في المثال الذي ذكرناه بالمقال.
في الغالب لا؛ لأن الفسخ للضرر يعني أن الخطأ من الزوج، فالنظام يحفظ حقكِ في المهر كاملًا، أنتِ الضحية ولستِ المتسببة في إنهاء الزواج، لذلك لا يُطلب منكِ دفع عوض.
الحضانة تكون للأم كأصل عام، وإثبات الضرر (خاصة الضرب أو الإهمال الشديد) يقوي موقفكِ جدًا في الحصول عليها، فالمحكمة دائمًا ما تضع مصلحة الطفل أولًا، وبيئة الأب الضارة لا تعتبر في مصلحته.
هذا هو الوضع الطبيعي في أغلب القضايا، فالقاضي لا يتوقع من الزوج أن يعترف، لهذا السبب، عبء الإثبات يقع عليكِ، وقوتكِ ليست في كلامكِ، بل في الأدلة التي تقدمينها (شهود، تقارير، رسائل). الدعوى تُبنى على البيّنة وليس على الإنكار.
تختلف المدة حسب كل قضية ومدى توفر الأدلة وقوتها، ولكن في العادة تنتهي القضية خلال شهر إلى شهرين على أقصى تقدير، علمًا بأن وجود محامٍ خبير يتابع القضية ويسرّع الإجراءات يمكن أن يختصر الوقت بشكل كبير.
الفرق جوهري، في الفسخ للضرر، أنتِ تثبتين خطأ الزوج، وتحصلين على حكم بالفرقة وتحتفظين بكامل حقوقكِ المالية (المهر)، أما في الخلع، فأنتِ تطلبين الفراق دون الحاجة لإثبات ضرر، ولكن مقابل أن تتنازلي عن حقوقك المالية وتعيدي المهر للزوج، وبشرط موافقته على ذلك، وهذا يشبه إلى حد كبير حالة [الفسخ بسبب الكره]، حيث يكون الانفصال برغبة من الزوجة مع استعدادها لإعادة المهر.
هل أنتِ مستعدة لاتخاذ الخطوة التالية وتوكيل محامٍ؟
نحن في شركة نوماس للمحاماة لا نقدم استشارات مجانية عابرة، بل نكرس وقتنا وخبرتنا للقضايا الجادة التي نتولى تمثيلها من البداية وحتى صدور الحكم.
إذا كنتِ قد عزمتِ على رفع دعوى وتحتاجين إلى تمثيل نظامي احترافي، يمكنكِ التواصل معنا لبدء إجراءات قضيتك.
مقالات أخرى قد تهمك
1- كيفية رفع دعوى فسخ نكاح في السعودية: الخطوات تفصيلًا
2- متى يحق للقاضي فسخ النكاح بدون عوض؟
3- أسئلة القاضي عند فسخ النكاح
4- فسخ النكاح بسبب هجر الزوج في السعودية: شرح الحالات والشروط
