المادة 200 من نظام المرافعات الشرعية: حالات التماس إعادة النظر

المادة 200 من نظام المرافعات الشرعية

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 
إخفاء

المادة 200 من نظام المرافعات الشرعية تُحدد حالات التماس إعادة النظر على الأحكام التي اكتسبت الصفة النهائية، وانقضت فيها طرق الاعتراض الأخرى من استئناف أو طلب نقض، فما نص المادة، وما هي الحالات؟ هذا ما نتناوله في مقالنا الحالي.

المادة 200 من نظام المرافعات الشرعية

تنص على أنه: “1- يحق لأيٍّ من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية في الأحوال الآتية: أ – إذا كان الحكم قد بُنِيَ على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها، أو بُنِيَ على شهادة قضي -من الجهة المختصة بعد الحكم- بأنها شهادة زور. ب- إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم. ج – إذا وقع من الخصم غش من شأنه التأثير في الحكم. د – إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه. هـ – إذا كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضًا. و – إذا كان الحكم غيابيًا. ز – إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلًا تمثيلًا صحيحًا في الدعوى. 2- يحق لمن يعد الحكم حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل في الدعوى أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية“.

وكما هو واضح من النص النظامي لتلك المادة أنها تُعدد الحالات التي يجوز فيها للمحكوم ضده أن يلتمس بإعادة النظر على الأحكام النهائية، والتماس إعادة النظر يعد طريق من طرق الاعتراض على الأحكام، يلجأ إليه الراغب في الاعتراض في حال أصبح الحكم نهائيًا، فيعترض بالالتماس إذا كان متحققًا لديه حالة من حالات الالتماس.

ما هي الأحكام التي تقبل التماس إعادة النظر؟

إن التماس إعادة النظر لا يُقبَل إلا على الأحكام النهائية، وهي كالتالي:

  • الأحكام التي تنازل فيها المحكوم ضده عن حقه في الاعتراض.
  • الأحكام التي يفوت فيها المهلة المحددة للاعتراض.
  • الأحكام التي يتم تأييدها من محكمة الاستئناف، وتكتسب القطعية.
  • الأحكام المؤيدة من المحكمة العليا.

حالات التماس إعادة النظر

لقد حُددت حالات التماس إعادة النظر في (8) حالات بالمادة (200) من نظام المرافعات الشرعية، وهي مُقررة على سبيل الحصر، فلا يجوز فيها القياس أو المشابهة، فإما أن تتحقق الحالة ويُقبَل الالتماس، وإلا فلا، ونتناول شرح هذه الحالات الثمانية فيما يلي:

الحالة الأولى: ظهور تزوير الأوراق أو الشهادة التي بُني عليها الحكم

فإذا تبين أن الحكم تم تأسيسه على أوراق أو شهادة اكتُشف بعد الحكم أنها مزورة؛ فيكون من حق المحكوم ضده طلب التماس إعادة النظر، ويُشترَط هنا أن تكون الورقة المزورة أو شهادة الزور هي أساس الحكم، بحيث لو سقطت؛ ترتب على ذلك نقض الحكم، أما لو كانت الورقة أو الشهادة ليست أساسًا للحكم، فحينها حتى مع ثبوت تزويرها لن يكون لها أدنى تأثير على صحة الحكم نفسه، وبالتالي؛ لن يُقبَل الالتماس.

متى يتحقق تزوير الأوراق؟

يتحقق تزوير الأوراق في أيٍ من الآتي:

  • إما إقرار المحكوم له بعد الحكم أن الأوراق مزورة.
  • أو إذا قُضي في حكم قضائي آخر مكتسب القطعية بأن الأوراق مزورة.

الحالة الثانية: الحصول على أوراق قاطعة في الدعوى

فإذا تحصل المحكوم ضده على أوراق لها حجة قاطعة يتغير بها الحكم، وكان قد تعذر عليه إبرزها قبل الحكم؛ فحينها يكون من حقه تقديم طلب التماس إعادة نظر، ويُشترط لقبول الطلب هنا الآتي:

1- أن يكون هناك وجود فعلي وحقيقي للأوراق أو المستندات، فلا يكفي هنا -مثلًا- مجرد القول بأنه توجد ورقة لدى جهة حكومية، وتطلب من المحكمة مخاطبتها، بل يتعين عليك إحضار الورقة، ومن ثم؛ كتابة طلب الالتماس وإرفاق الورقة به.

2- ألا يسبق للمُلتمِس تقديم تلك الأوراق أثناء نظر الدعوى ابتداءً.

3- أن يتحقق العُذر في تقديم الأوراق قبل الحكم، سواء لجهله بوجودها عنده، أو لكونها كانت لدى طرف آخر امتنع عن إعطائها له، وبالتالي؛ إذا كان المُلتمِس عالمًا بالورقة وقادرًا على إحضارها قبل صدور الحكم، فلن يُقبَل التماسه.

4- أن يكون لتلك الأوراق حجة قاطعة يتغير بها منطوق الحكم، كأن تُثبِت سداد المُلتمِس لجزء من الثمن، ومن ثَم؛ يترتب على الورقة تغيير منطوق الحكم بعد إنقاص الجزء الذي ثبَت سداده.

الحالة الثالثة: وقوع غش من الخصم يؤثر على الحكم

والغش مقصود به الاحتيال والخديعة لغرض تحقيق منفعة بأسلوب غير مشروع، بما يتعارض مع مقتضيات حسن النية، وعليه؛ إذا وقع من الخصم المحكوم لصالحه غش، وكان له تأثير على الحكم؛ فحينها يكون من حق المحكوم ضده تقديم طلب التماس إعادة النظر، ويُشترَط لقبول الالتماس هنا ما يلي:

1- أن يكون الغش قد حصل أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة وقبل صدور الحكم.

2- ألا يكون المُلتمِس قد علِم بحصول الغش أثناء سريان الدعوى؛ لكون سكوته دليل على رضاه وإسقاط لحقه في التمسك بالغش.

3- أن يصدر الغش مباشرةً من المحكوم لصالحه، أما لو وقع من غيره فلا يُقبَل الالتماس إلا إذا ثبت تواطؤه مع هذا الغير.

4- تقديم البينة على الغش؛ إذ لا يكفي مجرد القول بحصول الغش، وإنما يتعين على المُلتمِس تقديم ما يثبت هذا الغش، وإلا رُفِض التماسه، ومستند ذلك المادة (51) بالفقرة (2/أ) من اللائحة التنفيذية لطرق الاعتراض على الأحكام.

الحالة الرابعة: إذا قُضي بما لم يطلبه الخصوم

من الأمور المُسلَم بها في التقاضي أن المحكمة لا تقضي في الدعوى إلا إذا قام المدعي بتحرير دعواه وذيلها بطلب واضح وصريح لا يتعارض مع أي طلبات أخرى، ويتقيد القاضي عند فصله في الدعوى بطلبات المدعي أو المدعى عليه حسب الأحوال، ويُحظَر عليه القضاء بأكثر مما طُلِب، باستثناء الحق العام في القضايا الجزائية.

وعليه؛ إذا تضمن الحكم القضاء بشيء لم يطلبه الخصوم، أو قضى بأكثر مما طلبوه، فحينها يحق للمحكوم ضده التقدم بالتماس إعادة النظر بالتأسيس على تلك الحالة.

والشرط الجوهري في هذا الشأن هو أنه يتعين أن يكون هذا القضاء الزائد قد حصل عن سهو أو نسيان وليس عن عمد وإدراك، ويُعرَف ذلك حين النظر لتسبيب الحكم، فلو تضمن التعليل للزيادة الحاصلة في الحكم، فحينها لن تتحقق تلك الحالة الرابعة ولن يُقبَل الالتماس، والعكس صحيح.

الحالة الخامسة: مناقضة منطوق الحكم بعضه بعضًا

إن أهم ما يطمح إليه المتقاضيين هو صدور الحكم لصالح أحدهما، ولكي يكون لهذا الحكم فائدة وقيمة يتعين أن يكون واضحًا وقابلًا للتنفيذ دون تناقض أو التباس.

وبالتالي؛ إذا حصل تناقض في منطوق الحكم، فحينها يكون من حق الخصوم التقدم بالتماس إعادة نظر، ويُلاحظ هنا أن التناقض المقصود هو منطوق الحكم فقط، فلا يشمل التسبيب، كأن يتضمن الحكم القضاء ببطلان العقد محل النزاع، ثم يقضي بثبوت الشراكة الناتجة عن العقد، فهذا تناقض يُعيب الحكم، ويُبرر الالتماس عليه بإعادة النظر.

الحالة السادسة: الحكم الغيابي

لا يوجد ما يمنع القاضي من الحكم ضد المدعى عليه الغائب عن مجلس القضاء، والغائب هو الذي لا يُعلَم له مكان، ويتعذر تبليغه، ومن ثَم؛ إذا صدر الحكم، واكتسب الصفة النهائية ثم ظهر المحكوم ضده من غيبته، فحينها يكون من حقه التقدم بطلب التماس إعادة نظر على الحكم.

الحالة السابعة: عدم التمثيل في الدعوى تمثيلًا صحيحًا

من الشروط الأولية الجوهرية في قبول الدعوى أنها يجب أن تُرفَع من ذي صفة، ضد ذي صفة، ويتحقق ذلك سواء حضر المدعي أصالةً بنفسه، أو من خلال وكيله بوكالة صحيحة تتضمن الصلاحيات اللازمة لرفع الدعوى، وبناءً عليه؛ إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلًا تمثيلًا صحيحًا في الدعوى؛ ساغ له التقدم بطلب التماس إعادة النظر، وتتمثل صور ذلك في الآتي:

  • مباشرة الوكيل إجراء لم يتم توكيله فيه.
  • نقصان أهلية الخصم مع عدم وجود ولي له أو وصي عليه.
  • إذا كان الخصم محجورًا عليه.

ملحوظة: إذا كانت الصفة في الخصم متحققة منذ بداية الدعوى واستمرت على صحتها إلى أن تم قفل باب المرافعة، فلن تتحقق حالة التماس إعادة النظر إذا زالت الصفة بعد ذلك، ومستند ذلك المادة (54) من اللائحة التنفيذية لطرق الاعتراض على الأحكام.

الحالة الثامنة: الالتماس لمن يكون الحكم حجة عليه

في أحوال كثيرة قد لا يكون الشخص طرفًا في قضية، بل ولم يتم إدخاله أو تداخله فيها، ورغم ذلك حينما يصدر الحكم يكون له أثر عليه وحُجة ضده، كأن يصدر الحكم بثبوت ملكية العقار لأحد الخصوم في الدعوى، في حين أن الملكية ثابتة لهذا الشخص أصلًا، ففي تلك الحالة؛ يحق لذلك الشخص التقدم بطلب التماس إعادة نظر على الحكم، لإثبات عدم صحة الحكم.

البيانات اللازم توافرها في طلب الالتماس

كما بينّا آنفًا أنه لن يتم قبول طلب التماس إعادة النظر إلا إذا تحققت إحدى الحالات التي فصلناها أعلاه، ولكن اللائحة التنفيذية لطرق الاعتراض على الأحكام في مادتها رقم (51/1) جاءت لتضع قيد شكلي جديد لقبول طلبات الالتماس ويتمثل في ضرورة تضمين مذكرة الالتماس ما يلي:

  • الوقائع محل الالتماس.
  • أثر هذه الوقائع في الحكم المُلتمَس عليه.

ويترتب على إغفال هذه البيانات؛ القضاء بعدم قبول طلب الالتماس برُمته، وفق ما قررته الفقرة (3) من المادة (51) من اللائحة المذكورة، بما نصها: “إذا لم يستوفِ الاعتراض ما ورد في الفقرتين (1) و(2) من هذه المادة؛ حكمت المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبوله“.

وأخيرًا، وفي ختام مقالنا عن المادة 200 من نظام المرافعات الشرعية، فإننا نؤكد على أن طلب التماس إعادة النظر من الأعمال القانونية الدقيقة التي ليس من السهل على غير المختص القيام بها بنفسه، ويسعدنا أن نضع بين أيديكم خبراتنا لسنوات طويلة في المحاماة لنتولى بالنيابة عنكم مهمة كتابة طلب الالتماس والترافع في القضية.

تعرف على/ مدة التماس إعادة النظر

مقالات أخرى ذات صلة

الأسئلة الشائعة

اترك تعليقًا