هل التهمة الموجهة إليك هي “تعاطي مجرد” أم “حيازة بقصد التعاطي”؟ قد تبدو الكلمات متشابهة، لكن في ميزان القضاء السعودي، هذا الفرق ليس شكليًا، بل هو فرق جوهري يترتب عليه اختلاف جذري في مسار القضية والعقوبة النهائية، وبالتالي؛ فإن فهم طبيعة التهمة الموجهة إليك هو خط الدفاع الأول.
في هذا الدليل، نوضح لك في شركة نوماس للمحاماة الفرق بين التعاطي والحيازة، وعقوبة كل منهما، والحالة الأخطر التي يمكن أن تنقل القضية إلى مسار مختلف تمامًا وتبعاته وخيمة.
أولًا: جريمة “التعاطي المجرد” وشروطها
تتحقق هذه الجريمة عندما يتم إثبات فعل التعاطي نفسه، دون الحاجة لضبط المادة المخدرة مع المتهم في تلك اللحظة.
كيف يتم إثباتها؟
تثبت جريمة التعاطي المجرد بإحدى الطرق التالية:
1- التلبس: ضبط الشخص وهو يتعاطى المادة المخدرة فعليًا.
2- الإقرار الصريح: اعتراف المتهم بأنه تعاطى مادة مخدرة في وقت سابق، تعرف على تفاصيل وأثر [الاعتراف في قضايا المخدرات]
3- نتيجة التحليل: ثبوت إيجابية عينة الدم أو البول للمادة المخدرة.
ما هي عقوبتها؟
تختلف عقوبة “التعاطي المجرد” بناءً على ظروف وملابسات ضبط المتهم؛ حيث إن النظام يفرق بين الحالة العامة للتعاطي وحالة خاصة ومشددة، كالتالي:
1. الحالة العامة (العقوبة التعزيرية التقديرية):
في معظم حالات التعاطي المجرد (كالإقرار بالتعاطي سابقًا أو ثبوت التعاطي بالتحليل دون التواجد في مكان مشبوه)، لا يوجد نص يحدد عقوبة ثابتة. لذلك؛ تُترك العقوبة للسلطة التقديرية للقاضي وتسمى “عقوبة تعزيرية مُرسلة”.
ومن واقع خبرتنا: غالبًا ما تتراوح هذه العقوبة بين السجن من (شهر) إلى (3) أشهر، وقد تصل كحد أقصى إلى (6) أشهر في بعض الحالات.
2. الحالة الخاصة (العقوبة النظامية المحددة):
هناك حالة استثنائية ومحددة تناولها النظام بعقوبة صريحة، وهي حالة التواجد في مكان مُعد لتعاطي المخدرات:
شروط تطبيقها: لكي تطبق هذه المادة، يجب أن يتم ضبط الشخص وهو يتردد على مكان معروف لتعاطي المخدرات، وذلك أثناء وجود آخرين يتعاطون، مع علمه التام بما يجري في ذلك المكان.
العقوبة المحددة: في هذه الحالة تحديدًا، تكون العقوبة هي السجن مدة لا تزيد على (ثلاثة أشهر).
المستند النظامي: نصت على هذه الحالة المادة (46) من نظام مكافحة المخدرات، بأنه:
“1. يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (ثلاثة أشهر) أو بالجلد بما يزيد على خمسين جلدة، كل من ضبط يتردد على مكان لتعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، وذلك أثناء تعاطيها، مع علمه بما يجري في ذلك المكان“.
ثانيًا: جريمة “حيازة المخدرات بقصد التعاطي”
هنا يكمن الفرق الأساسي، في هذه الجريمة، لا يُشترط ضبطك وأنت تتعاطى، بل إن مجرد وجود المادة المخدرة في حيازتك (في ملابسك، سيارتك، أو منزلك) مع إثبات أن نيتك كانت للتعاطي الشخصي، يعتبر جريمة مستقلة وكاملة الأركان.
ما هي عقوبتها؟
عقوبة الحيازة غالبًا ما تكون أشد من التعاطي المجرد، حيث تبدأ من السجن (6) أشهر وتصل إلى سنتين.
لمعرفة تفاصيل هذه العقوبة، يمكنك قراءة دليلنا المفصل حول [عقوبة حيازة المخدرات لأول مرة]
ثالثًا: ماذا لو تم اتهامي بالحيازة والتعاطي معًا؟ (مبدأ تداخل العقوبات)
هذا سؤال مهم جدًا، لقد بينا أن لكل جريمة (التعاطي المجرد، والحيازة بقصد التعاطي) عقوبة منفصلة، ولكن هذا لا يعني أبدًا أنه سيتم الحكم عليك بالعقوبتين معًا إذا ثبتت الجريمتان في نفس القضية.
هنا، يتم إعمال مبدأ قضائي هام وهو “تداخل العقوبات“، والذي يعني:
“إذا ارتبطت عدة جرائم ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وكانوا من نفس الجنس والعمل، يتم الاكتفاء بتطبيق العقوبة الأشد بينها“.
في حالتنا: بما أن عقوبة “حيازة المخدرات بقصد التعاطي” (تبدأ من 6 أشهر) هي الأشد من عقوبة “التعاطي المجرد” (تبدأ من شهر)، وبالتالي؛ سيتم الحكم بعقوبة الحيازة فقط، مع إشارة القاضي في حكمه أنه أعمل مبدأ تداخل العقوبات.
الحالة الأخطر: متى يتحول التعاطي إلى “حد المسكر”؟
هنا يكمن الخطر الحقيقي الذي يغير مسار القضية تمامًا، فإذا كانت المادة التي تم تعاطيها هي “الحشيش” أو أي نوع من “المُسكرات” (الكحول)، فإن العقوبة قد تتغير من تعزيرية (سجن) إلى عقوبة حدية.
ما هو حد المسكر؟
هو حد شرعي يقضي بجلد المدان (80) جلدة، وقد يظن البعض أن الضرر يقتصر على الجلد، ولكن الآثار المترتبة على هذا الحكم أشد وطأة بكثير.
التبعات المدمرة لحكم “حد المسكر”
1- الحرمان من الوظائف الحكومية والعسكرية: يُسجل الحكم في صحيفة السوابق ويمنع الشخص من التوظيف في القطاع الحكومي بشكل دائم، ويؤدي إلى فصل العسكري، لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع الحساس، اقرأ [دليل العسكريين: عقوبة المخدرات ونظام الفصل]
2- وصمة اجتماعية: يؤثر الحكم على سمعة الشخص ومستقبله الاجتماعي والمهني.
كيف يمكن تجنب عقوبة “حد المسكر”؟
“إن تجنب عقوبة “حد المسكر” ليس مستحيلًا، بل هو ثمرة لدفاع قانوني متخصص ودقيق، فبدلًا من التركيز على إنكار الواقعة، يقوم المحامي الخبير بالتركيز على شروط إقامة الحد الشرعية، والتي غالبًا ما تكون غير متحققة.
ففي شركة نوماس للمحاماة، نجحنا بفضل الله في درء “حد المسكر” عن العديد من الموكلين من خلال دفوع ترتكز على عدم اكتمال نصاب الشهادة، أو وجود شبهات قوية تدرأ الحد، عملًا بالقاعدة الفقهية الراسخة “ادرؤوا الحدود بالشبهات”.
وخير دليل على ذلك هو هذا الحكم الصادر مؤخرًا لصالح أحد موكلينا، حيث قضت المحكمة بدرء حد المسكر عنه بناءً على المذكرة الاعتراضية التي قدمناها، والتي أوضحت وجود شبهات قوية في ثبوت الواقعة الموجبة للحد.
هذا الحكم يثبت أن الدفاع الصحيح يمكنه أن يغير مصيرك بالكامل، وينقذك من تبعات قاسية كانت ستلازمك مدى الحياة. لذلك، لا تفقد الأمل، فحتى لو صدر حكم ابتدائي، فباب [الاستئناف في قضايا المخدرات] لا يزال مفتوحًا لتصحيح المسار.
اكتشف دفوع تجنب “حد المسكر”؟
درء الحد يعتمد على إيجاد “شبهات” وثغرات في القضية. هل تعلم أن أمورًا مثل طريقة القبض، التناقض في الأقوال، أو عدم اكتمال الشروط الشرعية يمكن أن تكون هي طوق نجاتك؟ قيّم قضيتك بنفسك.
ابحث عن الثغرات في قضيتك الآنوأخيرًا، فإن فهم التهمة هو خط الدفاع الأول
ومعرفة الفرق الدقيق بين تهمة التعاطي وتهمة الحيازة، وإدراك خطر “حد المسكر”، هو أمر حاسم في تحديد استراتيجية الدفاع الصحيحة، فلا تترك هذا الأمر للصدفة أو التفسيرات غير الدقيقة.
لمعرفة المزيد عن الإطار العام للقضايا، يمكنك مراجعة [دليلنا الشامل حول قضايا المخدرات في السعودية].
إذا كنت تواجه إحدى هذه التهم، تواصل معنا في شركة نوماس للمحاماة فورًا، ودعنا نقيّم قضيتك بدقة ونوضح لك موقفك النظامي الصحيح والطريق نحو أفضل نتيجة ممكنة.
مقالات أخرى قد تهمك:
1- أهم (5) أسباب للبراءة في قضايا المخدرات بالسعودية (مع أحكام قضائية)
2- البينة في قضايا المخدرات: كيف تكون شهادة الشهود مفتاح براءتك؟
3- دليل التخفيف: (8) أسباب لتخفيف عقوبة المخدرات في السعودية