إنكار الاعتراف عند القاضي بالسعودية (1446هـ)

إنكار الاعتراف عند القاضي

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 
إخفاء

بمجرد أن يتم القبض على أي متهم في أي جريمة كانت، يبدأ رجال الضبط بالتحقيق مع المتهم وسماع أقواله فيما هو منسوب إليه، وأخيرًا يتم تبصيمه وتوقيعه على أقواله، وإما أن يتم إطلاق سراحه أو لا، حسب نوع القضية ومدى جسامتها، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة الاستجواب أمام النيابة العامة؛ فيقوم المحقق بتوجيه أسئلة للمتهم ويأخذ أقواله عليها، ويتم هنا أيضًا أخذ توقيع وبصمة المتهم على محضر الاستجواب.

وفي غالب القضايا يكون المتهم معترفًا بصحة الاتهام المنسوب إليه سواء بمحضر سماع الأقوال أو محضر الاستجواب، ولكن بعد هذه المرحلة وقبل أن تُحال القضية للمحكمة؛ دائمًا ما يثور التساؤل في ذهن المتهم أو ذويه، بـ”هل من الممكن إنكار الاعتراف أمام القاضي؟“.

هذا ما نجيب عنه تفصيلًا في مقالنا الحالي.

ما هو الاعتراف المقصود هنا؟

يُقصَد بالاعتراف: الأقوال التي يذكرها المتهم سواء أمام جهات التحقيق أو النيابة العامة، وتكون هذه الأقوال متضمنةً اعتراف منه بالجريمة المنسوبة إليه، وهذا الاعتراف يُطلَق عليه نظامًا مصطلح “الإقرار غير القضائي“، حسب ما هو منصوص عليه في المادة (14) من نظام الإثبات السعودي، بأنه: “يكون الإقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة، أو أثناء السير في دعوى أخرى“.

وما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أنه ليس معنى أن الاعتراف يُطلق عليه أنه إقرار غير قضائي أنه ليس له حجية أمام القاضي، فهذا غير صحيح أبدًا، بل إن هذا الإقرار غير القضائي له حجية كاملة، ويمكن للقاضي أن يؤسس عليه حكمه بالإدانة بأكمله.

والفارق الجوهري بين الإقرار غير القضائي والإقرار القضائي، هو أن الأخير يكاد يكون شبه مستحيل إبطاله أو القدح فيه بأي صورة من الصور، وذلك على عكس الإقرار غير القضائي الذي لا يعدو أن يكون وسيلة من وسائل الإثبات، ويُمكن للمتهم أو محاميه إثبات عدم صحته أو بطلانه، كالادعاء بالإكراه أو التزوير.

مدى جواز إنكار الاعتراف عند القاضي

لا شك أن المتهم يملك الإنكار أمام القاضي، ولا يُمكن إجباره على الاعتراف بالمحكمة، ولكن السؤال المطروح هنا “هل الإنكار يؤدي إلى نفي التهمة والقضاء بالبراءة؟”.

وللإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نُفرق بين نوعين من العقوبة المترتبة على الجريمة محل الاتهام:

إنكار الاعتراف عند القاضي (2)

1- فإذا كانت العقوبة هي عقوبة حدية: أي تقتضي الجريمة إنزال حد من حدود الله تعالى، مثل: (حد الزنا، حد الحرابة، حد القذف، وحد المُسكِر)؛ فيكون من حق المتهم إنكار الاعتراف عند القاضي، وسيكون لهذا الإنكار تأثير مباشر على عدم تطبيق الحد على المتهم.

ومستند ذلك ما قررته المحكمة العليا في كثير من مبادئها، نذكر منها المبدأ رقم (1133)، الذي نص على أن: “الأصل أن الشبهة المعتبرة لها أثرها في درء الحد” (م ق د): (393/5)، (2/8/1415).

2- أما إذا كانت العقوبة تعزيرية أو نظامية: أي عقوبة يُقدرها القاضي أو عقوبة مُقررة بموجب أحكام النظام؛ فالأصل أن إنكار المتهم للاعتراف عند القاضي لن يكون له أي أثر في نفي التهمة عنه بموجب الاعتراف الصادر عنه أمام جهات التحقيق أو الاستجواب، ومع ذلك؛ فإذا تمسك المتهم بأي دفع كان من شأنه أن يُبطل الاعتراف؛ فحينها لن يلتفت القاضي للاعتراف ولن يعتبره دليلًا على الإدانة، ومن أهم الدفوع التي يمكن التمسك بها في هذا الشأن، هو الدفع بحصول الاعتراف تحت إكراه، فإذا ما استطاع المتهم أو محاميه إثبات أن الاعتراف أُخذ منه بالقوة أو بالضغط؛ فلن يُعتد بهذا الاعتراف.

ومستند ذلك ما جاء في المبدأ القضائي رقم (2285): “مجرد الإقرار المحض إذا اكتنفه شبهة يكون فيه نظر” (م ق د): (647/3)، (22/12/1420)، والمبدأ القضائي رقم (2286): “إذا دفع المدعى عليه بالإكراه على الاعتراف، ووجدت آثار فيه تورث الشبهة فيحتاط لذلك” (م ق د): (647/3)، (22/12/1420)، والمبدأ القضائي رقم (2287): “إذا ثبت أن الاعتراف حصل عن طريق الإكراه، فلا يبنى عليه حكم” (م ق د): (111/3)، (9/2/1421).

اقرأ عن/ الإفراج المؤقت

موضوعات جزائية أخرى ذات صلة

اترك تعليقًا