شروط بيع بيت الورثة أحد أهم الأسئلة التي تدور في أذهان جميع الورثة بعد وفاة مورثهم -رحمه الله- إذ يكون لكل واحد فيهم نصيب مُعين من ملكية البيت، وفي غالب الأحوال يتعذر على أي وارث التصرف في نصيبه أو الاستقلال به؛ لاعتبارات تتعلق بعدم إمكانية الفرز والتقسيم لصغر مساحة البيت أو لكثرة عدد الورثة.
ولا شك أن حصول كل وارث على نصيبه بأسرع وقت هو من الأمور التي تحث عليها الشريعة الإسلامية الغراء، فالتأخير ليس مستحبًا؛ لما ينبني عليه من احتمالية نشوب النزاعات والخلافات مع مضي الوقت، ومن هنا جاءت الحاجة لتمكين الورثة من بيع بيت مورثهم واستيفاء كل وارث لنصيبه من حصيلة البيع.
ومن الأمور المرتبطة بهذه المسألة هي أنه في كثير من الأحيان قد يكون أحد الورثة راغبًا في الاحتفاظ بملكية البيت بأكمله لنفسه، ويعرض شراء أنصبة باقي الورثة، وهذا يُثير تساؤلًا هل يجوز البيع لأحد الورثة؟ كل هذه التساؤلات سنُجيب عليها تفصيلًا في مقالنا الحالي.
أولًا: شروط بيع بيت الورثة
يُشترط لبيع بيت الورثة عدد من الشروط، وتتمثل في الآتي:
1- شهادة وفاة؛ أول خطوة يتعين على الورثة اتباعها هي استصدار شهادة إثبات وفاة مورثهم، وهي يدوَّن فيها اسمه، وتاريخ الوفاة، وسبب الوفاة، علمًا بأن هذه الشهادة لازمة ليتمكن الورثة من استخراج صك حصر الورثة.
2- صك حصر الورثة؛ إذ يتعين على الورثة توثيق عدد الورثة، وبيان ما إذا كانوا بالغين أو قاصرين [عقلًا أو سنًا]، وهو ما يُسمى بـ”صك حصر الورثة“، ويصدر من خلال محكمة الأحوال الشخصية بعد إحضار شاهدين عبر “منصة ناجز”، ويكون لهذا الصك أهمية بالغة في تحديد نصيب كل وارث.
3- صك ولاية على القاصر، وإذن بالبيع؛ فإذا كان أحد الورثة قاصرًا، سواء كان “قاصرًا عقلًا” كالمجنون والمحجور عليه، أو “قاصرًا سنًا” كالصغير غير المُميز؛ فيجب على الورثة استخراج صك ولاية، كما يلزم الحصول على إذن بالبيع من القاضي المختص، وفق ما نصت عليه المادة (224) من نظام المرافعات الشرعية، بأنه: “إذا… اقتضى الأمر التصرف للقاصر أو الغائب… ببيع عقاره أو قسمته… فليس للولي أو الوصي أن يجري أيًا من تلك التصرفات إلا بعد استئذان المحكمة المختصة“.
4- إثبات الوصية؛ إذ لو كان المورث حال حياته قد أوصى بوصية، ولم يكن قد وثقها حال حياته؛ فإنه يتعين على الورثة إثبات تلك الوصية أولًا قبل الشروع في بيع بيت المورث، وذلك لأن الوصية حق مقدم على التركة، فلا تنتقل ملكية البيت إلى الورثة إلا بعد تحديد نصيب الوصية من التركة [البيت]، قال الله تعالى: “مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا“، علمًا بأن إثبات الوصية يكون من خلال “منصة ناجز” عبر تقديم طلب إلى الدوائر الإنهائية.
5- حصر الديون؛ فيتعين على الورثة قبل الإقدام على بيع بيت مورثهم أن يقوموا بحصر جميع الديون الثابة في ذمة المورث، وذلك لأن الدين مقدم على التركة، فالقاعدة الشرعية تنص على أنه: “لا تركة إلا بعد سداد الديون“.
6- صك ملكية العقار مُحدَّث؛ إذ لا يصح بيع أي عقار ليس مملوكًا بصك ملكية شرعي موثق صادر عن كتابة العدل أو المحكمة المختصة، فإذا ما تم بيع بيت الورثة دون صك ملكية؛ فسيكون بيع باطلًا، ويسهل نقضه أمام المحكمة متى أراد المشتري الرفع فيما بعد.
7- تقييم البيت؛ حيث يتعين على الورثة عرض البيت على أحد مكاتب التقييم العقاري المعتمدة؛ لتقدير السعر العادل للبيت، بحيث لا يتم النزول عن هذا السعر عند بيع بيت الورثة، وتزداد أهمية هذا الإجراء إذا كان بين الورثة قُصَر، لأنه يلزم الحصول على إذن من القاضي بالبيع قبل إتمام هذا البيع، وحينها سيطلب القاضي دليل يُثبِت أن السعر الذي سيُباع به البيت مناسبًا وعادلًا، ومن الأدلة التي يمكن تقديمها في هذا الشأن هي التقرير الصادر عن مكتب التقييم العقاري.
8- موافقة جميع الورثة؛ وهذا من أهم شروط بيع بيت الورثة؛ إذ حتى يتمكن الورثة من بيع البيت بالتراضي بينهم، فيتعين أن يكون جميع الورثة موافقون على البيع، وإما أن تكون هذه الموافقة من خلال الحضور الفعلي للوارث وقت البيع، والتوقيع على عقد البيع بنفسه، أو من خلال عمل وكالة لأحد الورثة أو للغير، تخوله الحق في بيع نصيب الوارث من البيت.
ثانيًا: هل يجوز البيع لأحد الورثة؟
نعم، يجوز أن يكون البيع لأحد الورثة، فلا يوجد أي قيد أو شرط على أن يكون مشتري البيت من خارج الورثة، طالما أنه لا يوجد أي غبن أو إكراه أو غلط أو تدليس حصل في البيع، فإذا كان جميع الورثة موافقون على البيع للوارث، وكان البيع بسعر عادل، وتم الحصول على إذن ببيع العقار إذا كان من ضمن الورثة قُصَّر؛ فسيكون البيع صحيحًا ولا غبار عليه، أما إذا اختل أي شرط من تلك الشروط؛ فلن يصح البيع، ويكون باطلًا.
ثالثًا: إذا رفض أحد الورثة التوكيل، فما الحل؟
في حال كان هناك نزاع بين الورثة أو كان أحد الورثة غير منسجم مع باقي الورثة، ومعترض على بيع نصيبه من التركة [البيت]، وبالتالي؛ رفض عمل التوكيل اللازم لتوقيع عقد البيع، فحينها لن يكون هناك سبيلًا سوى اللجوء إلى محكمة الأحوال الشخصية، ورفع دعوى للمطالبة بقسمة إجبار للتركة العقارية، ونُحيل في شرح إجراءات وضوابط هذه الدعوى لمقالنا التالي [بيع منزل الورثة مع رفض الوريث]
موضوعات قد تهمك
المحامي عايض الودعاني
جزاكم الله خير على هذا الجهد وتنوير ولإختصار سدد الله خطاكم ودمتم