شروط طلب حلف اليمين الحاسمة (1446هـ)

شروط طلب حلف اليمين

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 
إخفاء

اليمين الحاسمة هي التي يوجهها الشخص الذي يفتقر إلى الدليل لإثبات ادعائه إلى خصمه، وذلك عن طريق المحكمة، بهدف إنهاء النزاع بينهما بشكل قاطع. وقد قام المنظم بتعريفها في المادة (92/1) من نظام الإثبات على أنها “هي التي يؤديها المدعى عليه لدفع الدعوى، ويجوز ردها على المدعي“.

ولا شك أن اللجوء إلى اليمين الحاسمة يكون اضطراريًا من جانب الخصم، وذلك عندما يعجز تمامًا عن تقديم أي دليل يدعم حقه في مواجهة الطرف الآخر. في هذه الحالة، لا يكون أمامه سوى اللجوء إلى ضمير خصمه بتوجيه اليمين الحاسمة له. لكن يجب التنويه إلى أن هذا الأمر لا يخلو من خطر المجازفة، لأنه سيجعل حقه بين يدي خصمه إن شاء جحد حقه وإن شاء أثبته له.

وانطلاقًا من الأهمية البالغة لمسألة اليمين الحاسمة؛ فسنتناولها بالشرح في مقالنا الحالي، لنبين شروط طلبها، ومتى يطلب القاضي حلفها، ومن الذي يحلفها هل هو المدعي أم المدعى عليه، وما الصيغة التي تؤدى بها اليمين، وما أقوى صيغة.

شروط طلب حلف اليمين

يُشترط لطلب حلف اليمين الحاسمة عدد من الشروط، نوضحها تفصيلًا في الآتي:

شروط طلب حلف اليمين

الشرط الأول: أن يكون محل النزاع تعامل مالي

إذ حصَّر نظام الإثبات إمكانية توجيه اليمين الحاسمة في الحقوق المالية فقط، وفق ما جاء بالمادة (93) من الأدلة الإجرائية للنظام، بما نصها: “…لا توجه اليمين في غير الحقوق المالية“، وبالتالي؛ إذا كان محل النزاع لا يتعلق بأموال فلن يقبل القاضي توجيه اليمين الحاسمة، ومن أمثلة الدعاوى غير المالية: (فسخ النكاح، الجرائم بأنواعها، الحضانة).

علمًا بأنه لا يُشترَط أن يكون الطلب نفسه في الدعاوى متمثل في مبلغ مالي، وإنما يكفي أن يؤول الطلب إلى المال، مثل المطالبة باسترداد مستندات، فالمدعي يرفعها لغرض الحفاظ على أمواله، ومن ثَم؛ تُقبَل فيها اليمين الحاسمة.

الشرط الثاني: أن يطلب المدعي من خصمه أداء اليمين

تعد اليمين الحاسمة حقًا من حقوق المدعي، ولا يُلزم به ما لم يطلبها سندًا لنص المادة (97/3) على أنه: “للمدعي طلب يمين خصمه“. ويعتبر ذلك من الأصول الثابتة في اليمين الحاسمة. وجدير بالذكر أن القاضي لا يملك استحلاف المدعى عليه اللهم إلا بعد أن يطلبها المدعي. علمًا بأن قبول توجيه اليمين من عدمه بعد طلب المدعي فهذا الأمر يخضع لسلطة المحكمة وحدها، ولا تُجبَر على قبوله إذا كان مخالف للنظام أو لا محل له.

ويجب التنويه إلى أن حق المدعي في طلب اليمين الحاسمة يعد مرهونًا بكونه أهلًا للتصرف في الحق موضوع الدعوى. مع ضرورة مراعاة أن الوقت المطلوب توافر الأهلية فيه لدى الخصم موجه اليمين هو وقت طلب توجيهها منه عن طريق المحكمة إلى خصمه الآخر، استنادًا إلى أن هذا الوقت هو الذي يتخذ فيه موجه اليمين موقفًا قد تؤدي إلى فقده الحق الذي له في ذمة خصمه الآخر خاصةً إذا أدى اليمين الموجهة إليه فكسب على إثر حلفه بها الدعوى.

وفي حال كان المدعى فاقد الأهلية أو ناقصها، فعندئذ يجوز للولي أو الوصي أو القيم أن يوجه اليمين الحاسمة نيابةً عنه، شريطة أن يكون موضوع اليمين أو محلها من الأمور التي يحق لأي منهم التصرف فيها دون الحاجة إلى إذن من المحكمة أو غيرها من المجالس أو الجهات القائمة على إدارة شؤون القصر ومن في حكمهم، سندًا لنص المادة (100) من نظام الإثبات على أنه: “للولي والوصي وناظر الوقف ومن في حكمهم توجيه اليمين والنكول عنها وردها فيما يجوز لهم التصرف فيه، وتوجه لهم اليمين فيما باشروا التصرف فيه“.

الشرط الثالث: تؤدى اليمين ممن وجهت إليه شخصيًا

إذ يلزم أن يؤدي الخصم الذي وجهت له اليمين الحاسمة بنفسه، فلا تُقبَل النيابة في الحلف، وفقًا لما نصت علي المادة (94/2) من نظام الإثبات على أنه: “لا تقبل النيابة في أداء اليمين، وتقبل -بتوكيل خاص- في توجيه اليمين وقبولها والنكول عنها وردها“. وعليه، ورغم أن الوكيل الخاص يحق له -بموجب وكالته- توجيه أو رد أو قبول اليمين الحاسمة نيابة عن موكله، إلا أنه لا يمكنه أداء اليمين نيابة عن خصمه. وذلك لأن اليمين الحاسمة تحمل طابعًا شخصيًا يتطلب أن يؤديها الشخص المعني بنفسه.

الشرط الرابع: ألا تخالف الواقعة محل اليمين النظام العام

لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة إذا كان موضوعها يتنافى مع النظام العام أو الآداب العامة، سندا لنص المادة (96/2) من نظام الإثبات على أنه: “لا يجوز توجيه اليمين في واقعة مخالفة للنظام العام“، ومن ثم؛ لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة لشخص في خصوص علاقة آثمة غير مشروعة أو فعل إجرامي أو دين قمار، وذلك لما يمثله ذلك من مساس بمركزه الأدبي. بالإضافة إلى ما قد يترتب على ذلك من تعرضه للعقاب الجنائي إذا ثبت ارتكابه جريمة من خلال اليمين الحاسمة.

الشرط الخامس: أن تكون اليمين متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها

يينبغي التحقق من تعلق اليمين الحاسمة بالواقعة بالمدعى بها من قبل المدعي، كما ينبغي أيضًا أن تكون هذه اليمين منتجة بحيث يمكن بها الفصل في النزاع والقضاء بها، بالإضافة إلى ذلك ينبغي التحقق من كونها جائزة القبول، والمقصود بذلك هنا أن تكون اليمين الحاسمة موجهة في الحقوق المالية الناتجة عن المعاملات المدنية والتجارية. كما يجب أن لا يكون الخصم موجه اليمين متعسفًا في توجيهها.

ويتعين على المحكمة في حالة تخلف أي من هذه الشروط منع توجيه اليمين، وهذه الأمور تستنتجها المحكمة من سلطتها، مع ضرورة أن تكون هذه الاستنتاجات مبينة على أدلة، كما يجب أيضًا في حالة منع اليمين تسبيب المنع في محضر القضية.

ويستفاد هذا الشرط من نص المادة (96/3) من نظام الإثبات، بما نصها: “على المحكمة منع توجيه اليمين إذا كانت غير متعلقة بالدعوى أو غير منتجة أو غير جائز قبولها. وللمحكمة منع توجيهها إذا كان الخصم متعسفًا في ذلك“.

الشرط السادس: انتفاء الدليل الكامل أو الناقص في الدعوى

سبقت الإشارة إلى أن توجيه اليمين الحاسمة لا يكون إلا بطلب المدعي، وأن ذلك يعتبر حقًا من حقوقه، على أنه ينبغي التأكيد في هذا الصدد على ضرورة كون هذا الحق معلقًا على انتفاء الدليل الكامل أو الناقص في الدعوى، وهو ما يُستفاد من نص المادة (94/3) من الأدلة الإجرائية لنظام الإثبات، بما نصها: “للمحكمة أن تمنع توجيه اليمين الحاسمة، متى رأت أن الأدلة المقدمة ممن طلبت منه اليمين مثبتة لدفعه“.

وعليه؛ فإنه لا يجوز نظامًا اللجوء إلى اليمين الحاسمة إذا كان من وجهت إليه اليمين قد تقدم بالفعل بأدلة تثبت صحة موقفه، فحينها لن تكون هناك جدوى من حلف اليمين، ولا يقبلها القاضي.

الشرط السابع: ألا يُفصَّل في الدعوى بحكم نهائي

يستفاد هذا الشرط من نص المادة (97/3) من نظام الإثبات على أنه: للمدعي طلب يمين خصمه، ما لم يُفصل في الدعوى بحكم نهائي“.  وبناءً على ذلك، لا يحق للمدعي توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه إذا تم الفصل في الدعوى بحكم نهائي.

علمًا بأن الحكم القضائي يصبح نهائيًا عندما لا يمكن الطعن فيه بالاستئناف، ويكتسب حينها القطعية التي تقتضي تنفيذه وعدم جواز تعليقه أو تعطيله.

الشرط الثامن: بيان الوقائع التي يُستحلف عليها

يجب على الخصم الذي يطلب اليمين الحاسمة أن يحدد بدقة الوقائع التي يريد استحلاف خصمه بشأنها، مع ذكر الصيغة التي يرغب في أن يؤدي خصمه اليمين بها، باستخدام عبارات واضحة وخالية من أي غموض. ويحق للمحكمة تعديل هذه الصيغة بما يتناسب مع الوقائع التي يُراد حلف الخصم عليها.

وهذا الشرط إنما يُستفاد من نص المادة (101) من نظام الإثبات على أنه: “يجب على من يوجه اليمين إلى خصمه أن يبين بدقة الوقائع التي يريد استحلافه عليها، ويذكر الصيغة بعبارة واضحة، وللمحكمة أن تعدلها لتوجه بوضوح ودقة على الواقعة المطلوب الحلف عليها“.

الشرط التاسع: تؤدى اليمين في مواجهة طالبها

إذ يجب أن يكون أداء الخصم لليمين في حضور من طلبها ابتداءً، وذلك ما لم يتنازل صراحة عن الحضور، أو يتخلف عن الحضور مع علمه بموعد الجلسة التي سيتم فيها الحلف، ويُستفاد هذا الشرط من نص المادة (102) من نظام الإثبات بما نصها: “يجب أن يكون أداء اليمين في مواجهة طالبها إلا إذا قرر تنازله عن حضور أدائها، أو تخلف مع علمه بموعد الجلسة“.

ولعل هذا الشرط إنما يعتبر نتيجة منطقية لكون توجيه اليمين حقًا من حقوق المدعي، ومن ثَم؛ فينبغي حضور من طلب توجيهها أو وكيله، اللهم إلا إذا تنازل عن الحضور أو تخلف عن الحضور رغم علمه بموعد الجلسة.

مقالات أخرى ذات صلة

  • المستشار ياسر عليان

    جميع مقالاتكم جميلة ومفيدة اتمنى ان يتم امكانية تحميل المقال bdf وشكرا

اترك تعليقًا