ليس بعيدًا على أي من العاملين أن يعاني من مرض أثناء مدة عقد عمله، وقد تطول فترة المرض، ولا يعلم العامل ماذا يفعل حينها، ونظرًا لأهمية معرفة جميع العاملين في المملكة بأحكام الإجازة المرضية، وحقه في الاستمتاع بإجازة عند مرضه؛ لذا سنتناول في هذا المقال كل ما يتعلق بالإجازة المرضية وأحكامها.
المادة 117 من نظام العمل السعودي
لقد نصت المادة (117) من نظام العمل السعودي على ما يلي: “للعامل الذي يثبت مرضه الحق في إجازة مرضية بأجر عن الثلاثين يومًا الأولى، وبثلاثة أرباع الأجر عن الستين يومًا التالية، ودون أجر للثلاثين يومًا التي تلي ذلك خلال السنة الواحدة، سواء أكانت هذه الإجازات متصلة أم متقطعة، ويقصد بالسنة الواحدة: السنة التي تبدأ من تاريخ أول إجازة مرضية“، وسنتناول شرح المادة تفصيلًا في بيان شروط الإجازة المرضية للقطاع الخاص بعد قليل.
لائحة الإجازات المرضية الموارد البشرية
لائحة الإجازات المرضية بالموارد البشرية مُقررة بموجب ما نصت عليه المادة (32) من النموذج الموحد للائحة تنظيم العمل، من أنه: “يستحق العامل -الذي يثبت مرضه بشهادة طبية عن طبيب المنشأة أو مرجع طبي معتمد لديها- إجازات مرضية خلال السنة الواحدة، والتي تبدأ من تاريخ أول إجازة مرضية سواء أكانت هذه الإجازات متصلة أم متقطعة، وذلك على النحو التالي:
1. الثلاثون يومًا الأولى بأجر كامل.
2. الستون يومًا التالية بثلاثة أرباع الأجر.
3. الثلاثون يومًا التي تلي ذلك بدون أجر.
وللعامل الحق في وصل إجازته السنوية بالمرضية“.
وسنتناول شرح المادة تفصيلًا عند الحديث عن شروط الإجازة المرضية للقطاع الخاص بعد قليل.
نظام مكتب العمل للقطاع الخاص في الإجازات المرضية
إن مكتب العمل لم يضع نظامًا يتعلق بالإجازات المرضية للعاملين في القطاع الخاص، إلا أنه يلتزم بما نصت عليه المادة (117) من نظام العمل فيما يتعلق بالإجازة المرضية، وما نصت عليه المادة (32) من النموذج الموحد للائحة تنظيم العمل فيما يخص الإجازات المرضية، وأدناه شرح تفصيلي لأحكام تلك الإجازة.
شروط الإجازة المرضية للقطاع الخاص
حتى يمكن للعامل أن يتمتع بحقه النظامي في الحصول على إجازة مرضية مدفوعة الأجر؛ فإنه يتعين تحقق عدد من الشروط، نوضحها فيما يلي:
1- إثبات المرض: يتعين على العامل أن يُثبت مرضه لصاحب العمل، وذلك عن طريق تقديم شهادة طبية عن طبيب المنشأة أو مرجع طبي معتمد لديها، أي المستشفى المتعاقد معها صاحب العمل، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة (32) من لائحة تنظيم العمل، ويجب أن تتضمن الشهادة الطبية المرض الذي يُعاني منه العامل، والمدة التي يحتاجها للشفاء، مع ختم الشهادة بختم الجهة المعتمدة لدى صاحب العمل.
وفي حال كان صاحب العمل ليس لديه طبيب في المنشأة وليس متعاقدًا مع مستشفى بعينها أو جهة طبية محددة؛ فإنه لا يكون أمام العامل الذي يُعاني من المرض أن يتجه إلى أي مستشفى حكومي وطلب شهادة طبية معتمدة مبين بها المرض الذي يُعاني منه، ومدة الإجازة التي يحتاجها للشفاء.
2- مدة الثلاثين يومًا الأولى؛ فيستحق العامل إجازة مرضية بأجر كامل عن مدة الثلاثين يومًا الأولى التي يُعاني فيها من المرض، بحيث لا يحق لصاحب العمل حسم أي مبالغ من الأجر الفعلي للعامل طوال هذه المدة.
3- مدة الستين يومًا التالية؛ ففي حال استمر مرض العامل بعد أن حصل على إجازة مرضية بأجر كامل عن الثلاثين يومًا الأولى يستحق العامل حينها إجازة مرضية لمدة ستين يومًا أخرى، إلا أنه لا يستحق في هذه الحالة سوى ثلاثة أرباع أجره الفعلي، ويحسم صاحب العمل ربع أجر العامل خلال هذه الفترة استنادًا إلى ما نصت عليه المادة (117) من نظام العمل، ولا يحق للعامل مطالبة صاحب العمل بربع الأجر المحسوم فيما بعد.
4- مدة الثلاثين يومًا التالية؛ فإذا استمر مرض العامل بعد أن حصل على إجازة لمدة تسعين يومًا؛ فيستحق العامل إجازة مرضية لمدة ثلاثين يومًا، ولكن دون أن يحصل على أجر خلال هذه المدة، وفي هذه الحالة قد راعى المنظم بين مصلحة العامل في حقه في الحصول على إجازة بسبب مرضه، وكذلك مصلحة صاحب العمل في ألا يتحمل راتب عامل لا يعمل فعليًا لمدة تسعين يومًا.
5- فترة المرض خلال سنة واحدة؛ فيتعين أن تكون الإجازة المرضية لمدة الـ(120) يوم المفصلة سابقًا في سنة واحدة، بمعنى أن تكون فترة مرض العامل المنصوص عليها لم تتجاوز السنة من تاريخ أول يوم إجازة مرضية، فعلى سبيل المثال إذا مرض العامل، وقدم ما يثبت منه مرضه، فمن حقه الحصول على إجازة مرضية، وإذا افترضنا أن أول يوم إجازة مرضية في 01/02/1446هـ؛ فمن حق العامل إجازة مرضية بأجر كامل حتى تاريخ 30/02/1446هـ، وإجازة مرضية لمدة شهرين بثلاثة أرباع أجره، وإجازة مرضية لمدة شهر بدون أجر، ولا يكون من حق العامل التمتع بعدها ولو بمجرد يوم واحد إجازة مرضية، ويظهر جليًا أن مدة الإجازة السنوية كانت خلال أربعة أشهر أي لم تتخطَ السنة الواحدة.
وللتوضيح أكثر وإذا افترضنا أن بداية أول يوم إجازة مرضية للعامل في تاريخ 01/02/1446هـ، وأنه تمتع بإجازة مرضية لمدة ثلاثين يومًا بأجر كامل، ثم عاد للعمل لمدة شهرين من تاريخ 01/03/1446هـ، إلا أنه مرِضَ من جديد، وحصل على إجازة مرضية لمدة ستين يومًا بثلاثة أرباع الأجر، على أن تبدأ الإجازة المرضية لمدة الستين يومًا، تبدأ من تاريخ 01/05/1446هـ وتنتهي في تاريخ 01/07/1446هـ، ثم عاد العامل إلى العمل لمدة ثلاثة أشهر، غير أنه مرض مجددًا في تاريخ 01/10/1446هـ؛ فمن حق العامل هنا الحصول على إجازة مرضية لمدة شهر كامل ولكن بدون أي أجر.
أما إذا استمر العامل -في المثال السابق- في العمل من تاريخ 01/07/1446هـ لمدة سبعة أشهر كاملة دون أن يتمتع بأي إجازة مرضية، ثم عانى من المرض لمرة أخرى في تاريخ 10/02/1447هـ ؛ فمن حق العامل حينها إجازة لمدة ثلاثين يومًا بأجر كامل؛ لأنه قد مر على أول يوم مرض له ما يزيد عن السنة؛ لذا فإن فترة مرضه الأخيرة تكون خارج عن الإجازات المرضية السابقة التي تمتع بها، بمعنى أنه بعد مرور العام على بداية أول يوم في الإجازة المرضية، إذ عانى العامل من أي مرض واحتاج إلى إجازة مرضية؛ فيبدأ في احتساب إجازاته المرضية من جديد بدءً من حقه في إجازة مرضية لمدة ثلاثين يومًا بأجر كامل.
6- عدم جواز فصل العامل؛ فلا يجوز فصل العامل أو إنهاء عقد العمل بسبب مرضه أثناء حصوله على إجازته المرضية، ما دام أن العامل لم يستنفذ المدد المذكورة سابقًا فيما يتعلق بالإجازة المرضية، وذلك استنادًا لما نصت عليه المادة (82) من نظام العمل: “لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض، قبل استنفاذه المدد المحددة للإجازة المنصوص عليها في هذا النظام“.
7- وصل الإجازة السنوية بالإجازة المرضية؛ ففي حال استمر مرض العامل لمدة زادت عن (120) يومًا المفصلة سابقًا، وحرصًا من المنظم على أن يحتفظ العامل بعمله وألا يُفصل، خاصةً أنه لا ذنب له في مرضه؛ فقد أعطى صاحب العمل الحق للعامل في وصل إجازاته السنوية التي لم يستفد منها بإجازته المرضية، استنادًا لما نصت عليه المادة (82) من نظام العمل: “وللعامل الحق في أن يطلب وصل إجازته السنوية بالمرضية“.
فعلى سبيل المثال إذا استنفذ العامل مدة (120) يوم إجازته المرضية المقررة له نظامًا، وكان له عدد (25) يومًا من إجازته السنوية فمن حقه الاستمرار في الإجازة لمدة (25) يوم إضافية دون حاجة إلى موافقة صاحب العمل على استمرار العامل في الإجازة، بشرط أن يتقدم العامل بما يثبت منه استمرار مرضه وعدم تمكنه من العمل.
أما في حال استنفذ العامل جميع إجازاته سواء المرضية أو السنوية، وظل مريضًا ولا يتمكن من العمل؛ فمن حق صاحب العمل إنهاء عقد عمل العامل حينها مع منحه مكافأة نهاية الخدمة عن فترة عمله كاملة متضمنة مدة الإجازة المرضية.
فعلى سبيل المثال إذا كان بداية مرض العامل في تاريخ 01/02/1446هـ، واستنفذ مدة (120) يوم إجازته المرضية أي لتاريخ 030/05/1446هـ، وكان لا يستطيع العمل، وله مدة (25) يوم إجازة سنوية لم يتمتع بها؛ فمن حقه وصل الإجازة المرضية بمدة الإجازة النوية ليستنفذ جميع إجازته في تاريخ 25/06/1446هـ، فإذا كان العامل لا يزال مريضًا ولا يستطيع النزول للعمل بعد هذا التاريخ؛ فمن حق صاحب العمل إنهاء عقد العمل آنذاك.
كثرة الإجازات المرضية للموظف
إن الإجازات المرضية المقررة نظامًا للعامل لا تعتمد على كثرة المرات التي يتمتع بها العامل بالإجازة المرضية، وإنما تعتمد على عدد الأيام التي استنفذها العامل من إجازته المرضية المقررة نظامًا خلال السنة الواحدة التي بدأ فيها الحصول على أول إجازة مرضية، بمعنى أن العامل من حقه الحصول على إجازة مرضية لمدة إجمالية قدرها (120) يومًا على التفصيل المبين سابقًا، ويمكن له الحصول على كامل المدة المذكورة دفعة واحدة، أو دفعتين أو ثلاث أو عشر دفعات، المهم ألا تتخطى عدد أيام إجازة المرضية المدة الإجمالية المقررة بعدد (120) يومًا، مع التأكيد على تقديم شهادة مرضية -وفق الشروط المحددة سابقًا- يثبت فيها مرضه في كل مرة يطلب فيها الحصول على إجازة مرضية.
هل يحق للمدير رفض الإجازة المرضية؟
لا يحق للمدير رفض طلب الإجازة المرضية المقدمة من العامل إذا استوفت الشروط الآتية:
1- تقديم طلب إجازة مرضية: فيتعين على العامل تقديم طلب إجازة مرضية أو ملأ نموذج طلب الإجازة المرضية المعتمد لدى المنشأة التي يعمل بها، على أن يُبين العامل المرض الذي يُعاني منه والمدة التي يحتاجها للشفاء، حيث إن هذه البيانات من المهم جدًا بيانها في طلب الحصول على إجازة.
2- تقديم شهادة طبية: يتعين على العامل أن يرفق مع طلب الإجازة المقدم إلى صاحب العمل شهادة طبية متوافر بها الشروط المقررة في المادة (32) من لائحة التنظيم العمل المبينة سابقًا، حيث إذا كانت الشهادة الطبية غير معتمدة؛ فلا تُعد سندًا يمكن الاعتماد عليه في طلب الإجازة، الذي يُعد حينها مرفوضًا لعدم توافر الشروط المطلوبة.
3- عدم استنفاذ كامل أيام الإجازة المرضية: فيجب عند تقديم الإجازة المرضية أن يكون العامل لم يستنفذ عدد الأيام المسموحة له نظامًا نظير الإجازات المرضية، بحيث لا يكون العامل قد حصل على عدد (120) يوم إجازة مرضية خلال السنة الواحدة من تاريخ أول إجازة مرضية وفق ما هو مبين سابقًا.
هل موعد المستشفى يعتبر عذر في القطاع الخاص
إن موعد المستشفى لا يُعد شهادة طبية يثبت منها مرض العامل، وإنما مجرد ورقة يثبت من خلالها حجز العامل موعد لإجراء فحوصات والكشف عليه؛ لذا فإن موعد المستشفى لا يُعطي العامل الحق في الحصول على إجازة مرضية؛ لعدم توافر الشروط –المذكورة سابقًا– الخاصة بالإجازة المرضية.
هل مشهد المراجعة يعتبر إجازة مرضية؟
إن مشهد المراجعة في العادة ينحصر مضمونه في كون العامل قدر راجع طبيبه الخاص أو مستشفى بعينها فقط لا غير، وبهذا الوصف لا يعتبر مشهد المراجعة مقبولًا للحصول على إجازة مرضية؛ لعدم توافر الشروط -المنصوص عليها سابقًا- الخاصة بالإجازة المرضية، ومن أهم هذه الشروط تقديم شهادة طبية من طبيب المنشأة أو جهة طبية معتمدة لدى صاحب العمل.
إلا أنه يُمكن للعامل بموجب مشهد المراجعة طلب تحويله على طبيب المنشأة أو الجهة المعتمدة للكشف عليه وإصدار شهادة طبية يثبت منها مرض العامل، وتقديمها لدى صاحب العمل للحصول على إجازة مرضية.
موضوعات ذات صلة: