يعد الشراء المباشر أسلوب من أساليب الطرح والتعاقد التي تتبعها الجهات الحكومية لتلبية احتياجاتها لتسيير نشاط المرفق العام، وهو في حقيقته يعد استثناءً من المنافسة العامة، التي تُعتبر الأصل العام في الطرح والتعاقد، وفقًا لما قررت المادة (28) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، والفقرة (4) من المادة (32) من اللائحة التنفيذية لهذا النظام.
فلقد أجاز النظام الطرح والتعاقد عن طريق الشراء المباشر في أحوال وبضوابط معينة، ومن خلال لجنة محددة، نتناولهم جميعًا بالتفصيل في مقالنا.
أولًا: حالات التعاقد بأسلوب الشراء المباشر
إن المنافسة هي الأصل العام في التعاقدات للجهات الحكومية، وإنه من المعلوم أن المنافسة تتطلب إجراءات وخطوات طويلة من بداية الإعلان، وسداد الضمانات الابتدائية، وتقديم العروض، وفتحها، وفحصها، وإصدار توصية بالترسية، وقرار الترسية، وسداد الضمانات النهائية.
إذ نظرًا إلى الوقت الطويل الذي تأخذه المنافسة، ولوجود حالات معينة يتطلب فيه السرعة والإنجاز؛ جاءت الحكمة من تمكين الجهة الحكومية من التعاقد بأسلوب الشراء المُباشر، ولقد قيدها المُنظِم بحالات معينة، نوضحها في الآتي:
1- الأعمال المتعلقة بتأمين السلاح والمعدات العسكرية وقطع غيارها، ويتم ذلك من خلال الهيئة العامة للصناعات العسكرية، ومستنده الفقرة (1) من المادة (32) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
2- الأعمال والمشتريات التي لا تتوافر إلا لدى متعهد أو مقاول أو مورد واحد، ويُشترَط في هذه الحالة أن يتم التعاقد وفق الضوابط الآتية:
- أن تكون هناك حاجة ضرورية لتأمين العمال والمشتريات، وألا يكون هناك بديل مناسب يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى.
- أن ينشر إعلان في البوابة والموقع الإلكتروني للجهة، بشرط ألا تقل مدته عن عشرة أيام عمل؛ وذلك للتأكد من أن الأعمال والمشتريات لا تتوافر إلا لدى متعهد أو مقاول أو مورد واحد.
- يتعين على الجهة الحكومية التأكد من حصرية هذا المنتج عند هذا المقاول أو المتعهد، من خلال المصادر الرسمية، وقواعد البيانات والمعلومات المتوافرة لدى الجهات الأخرى.
3- الأعمال والمشتريات التي لا تتجاوز تكلفتها التقديرية (100.000) مائة ألف ريال، وتكون الأولولية في هذه الحالة بتوجيه الدعوة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية.
4- الأعمال والمشتريات التي تتعلق بحماية مصالح الأمن الوطني، ولا يمكن معها استخدام أسلوب الطرح بالمنافسة العامة أو المحدودة، ويُشترط هنا أن تقوم الجهة الحكومية بعد إبرام العقد من خلال أسلوب الشراء المباشر أن تقوم بإعداد تقرير يتضمن الأسباب والمُبررات التي دعتها إلى اتباع هذا الأسلوب، وتزويد ديوان المراقبة العامة بنسخة من التقرير.
5- الأعمال والمشتريات المتوافرة لدى مؤسسة أو جهة أهلية واحدة أو كيان من الكيانات غير الهادفة للربح، ويشترط في هذه الحالة أن تتولى هذه الجمعية أو المؤسسة تنفيذ الأعمال بنفسها، وأن تكون هذه الأعمال داخلة ضمن نشاطها.
6- الحالات الطارئة، وفق الضوابط الآتية:
- أن تتحقق إحدى الحالتين؛ أما حالة وجود تهديد جدي وغير متوقع للسلامة العامة أو الصحة العامة أو الأمن العام، أو حالة وجود حدث جسيم ينذر بخسائر في الأرواح أو الممتلكات.
- أن يترتـــب علـــى اســـتخدام إجراءات المنافســـة العامة أو المحدودة ضرر جسيم بســـبب طول مـــدة الإجراءات.
- عدم شمول الاتفاقية الإطارية للأعمال والمشتريات المطلوبة أو تعثر تنفيذها.
- يتعين أخذ موافقة رئيس الجهة الحكومية.
- تزويد الديوان العام للمحاسبة بكافة الاتفاقيات والعقود و مستندات الصرف الخاصة بتلك الأعمال والمشتريات.
ثانيًا: مهام لجنة الشراء المباشر
إذا تحققت أي حالة من الحالات المذكورة أعلاه؛ فيحق للجهة الحكومية التعاقد بأسلوب الشراء المُباشر، ويُشترَط هنا تقديم العروض للجنة تُسمى “لجنة الشراء المُباشر“، وتتمثل مهام وضوابط هذه اللجنة فيما يلي:
1- التشكيل: يتم تكوين لجنة فحص عروض الشراء المباشر بقرار من رئيس الجهة الحكومية، وتتكون من (ثلاثة) أعضاء بحد أدنى، يكون من بينهم رئيس اللجنة.
2- الشفافية: يُحظَر الجمع بين رئاسة لجنة فحص عروض الشراء المُباشر وأي لجنة أخرى، تعرف على/ لجنة فحص العروض بالمنافسات.
3- التوصية: بعدما تقوم اللجنة بفحص عروض الشراء المُباشر المُقدمة أمامها؛ فتقوم بإصدار توصيتها وتعرضها على صاحب الصلاحية، ويتعين على اللجنة في هذا الشأن الحرص على أن يكون العرض الموصى به أفضل عرض يُقدم أقصى استفادة للجهة الحكومية سواء من حيث المنفعة ذاتها، والمقابل المدفوع. ومستنده المادة (47) من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
4- المساواة: يقع على الجهة الحكومية التزامًا بإتاحة الفرصة إلى أكبر عدد ممكن من المتعاقدين في الشراء المُباشر، بحيث لا يقتصر التعامل على عدد محدود أو التعامل بشكل مستمر ومطرد مع شركات أو مؤسسات بعينها؛ فتضيع الحكمة من المنافسة.
5- التسجيل: تقوم الجهة الحكومية بالاحتفاظ بقوائم تتضمن بيانات من يرغب من المؤسسات والشركات في التسجيل؛ لتقديم خدماتها في مختلف الأعمال والمشتريات، بحيث تتمكن الجهة فيما بعد من الرجوع إلى هذه القوائم متى احتاجت للتعاقد بأسلوب الشراء المُباشر.
6- النشر: مع مراعاة ما يقتضيه الأمن الوطني من سرية، تنشر البوابة الإلكترونية في نهاية السنة المالية قائمة بعمليات الشراء المباشر التي تم تنفيذها من حيث القيمة الإجمالية ونوع الأعمال والمشتريات.
ثالثًا: الفرق بين الشراء المباشر والمنافسة
يكمُّن الفرق الجوهري بين الشراء المباشر والمنافسة أن الشراء المُباشر لا يلتزم فيه المتعاقد بتقديم ضمان ابتدائي أو نهائي على عكس المنافسة التي تقتضي سداد هذا الضمان قبل التعاقد، وكذلك الشراء المُباشر له حالات محددة على سبيل الحصر في المادة (32) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، ولا تملك الجهة الحكومية التعاقد بهذا الأسلوب إلا إذا تحققت أحد تلك الحالات.
موضوعات ذات صلة