المادة 80 من نظام العمل: تعين صاحب العمل تجاه العامل المتقاعس

المادة 80 من نظام العمل

فهرس محتويات المقال

يمكنك النقر على أي عنوان بجدول المحتويات أدناه؛ للانتقال إليه مباشرةً 
إخفاء

إن المنظم قد انتهج في وضعه نظام العامل الحرص على حماية العامل وحقوقه، وذلك بناءً على أن عقد العمل من عقود الإذعان الذي يكون فيه العامل الطرف الأضعف بكل تأكيد، وصاحب العمل الطرف الأقوى وصاحب اليد العليا الذي يفرض شروطه على العامل عند التعاقد.

وبالرغم مما سبق؛ فإن المنظم في الوقت ذاته كان عليه حماية حقوق صاحب العمل ومصلحته تجاه العامل إذ وقع من الأخير مخالفات لالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل، فعلى سبيل المثال إذا امتنع العامل عن العمل وتنفيذ التعليمات، أو أهمل العامل في عمله؛ مما تسبب في خسائر جسيمة لصاحب العمل، أو اعتدى العامل -سواء بالقول أو الفعل- على صاحب العمل أو المديرين في الشركة، فماذا يفعل صاحب العمل حينها حال وقوع أي من هذه الحالات؟!

فلا يتصور أن يكون صاحب العمل ملزمًا بالإبقاء على هذا العامل في ظل ما وقع من الأخير؛ كون يوجد عقد عمل يربطه مع هذا العامل، ولا يتصور في الوقت ذاته أن يفصل صاحب العمل العامل ويتحمل مبالغ مالية طائلة تعويضًا عن إنهاء العقد من طرف واحد؛ كون نظام العمل لم يسمح لصاحب العمل إنهاء العقد من جانبه فقط في أي من هذه الحالات، وهذا ما حدا بالمنظم إلى النص على عدد من الحالات المحددة أعطى فيها صاحب العمل الحق في فصل العامل من العمل دون تعويضه أو إشعاره، وفق ما وردَ في المادة (80) من نظام العمل.

ولكن في الوقت ذاته وحتى لا يُسيء صاحب العمل استخدام الحالات المنصوص عليها في فصل العامل دون وجه حق، وحفاظًا على حقوق العامل، فقد ألزم المنظم صاحب العمل بمجموعة من الضوابط والشروط منها ما ينطبق على جميع الحالات ومنها ما يتعلق بأحد هذه الحالات فقط.

ووضع المنظم ضوابط وشروط لفسخ العمل من جانب صاحب العمل يرجع إلى طبيعة عقد العمل وفق ما بينا سابقًا وأنه من عقود الإذعان، ويظهر ذلك جليًا في أن المنظم لم يضع أي من هذه الشروط أو الضوابط في الحالات التي تخول للعامل فسخ عقد العمل من جانبه فقط المنصوص عليها في المادة (81) من نظام العمل.

وقد حددت المادة (80) من نظام العمل تسع حالات على سبيل الحصر، يُسمح فيها لصاحب العمل فسخ عقد العمل من جانبه فقط دون تعويض العامل أو إشعاره. ونُبين في هذا المقال شرح تفصيلي لكل حالة من هذه الحالات على حدة، مع بيان ضوابط وشروط اللازم تحققها في كل حالة، وذلك فيما يلي:

المادة 80 من نظام العمل

الحالة الأولى: الاعتداء على صاحب العمل

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية… : 1. إذا وقع من العامل اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أو مرؤوسيه أثناء العمل أو بسببه“، وهذه الحالة تأتي من وجوب التزام العامل باحترام صاحب العمل والمدير المسؤول ورؤسائه وكذلك مرؤوسيه أثناء العمل، وإخلال العامل بهذا الالتزام يجعله معرضًا للفصل دون تعويض أو إشعار.

والاعتداء المنصوص عليه في هذه الحالة له صورتان وهما: الاعتداء بالفعل، والاعتداء بالقول، ونشرح كل صورة من صور الاعتداء فيما يلي:

1- الاعتداء بالفعل: هو الذي يتمثل في اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أو مرؤوسيه بالضرب باليد أو بالقدم أو باستخدام ألة حادة أو عصا أو أي شيء من هذا القبيل.

2- الاعتداء بالقول: هو الذي يتمثل في سب العامل لصاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أو مرؤوسيه.

ومن الجدير بالذكر أن ركن الاعتداء بحد ذاته لا يسمح بحد ذاته لصاحب العمل فسخ عقد العامل إلا أنه يتعين أن يكون الاعتداء أثناء العمل أو بسببه، بمعنى وقوع الاعتداء أثناء وقت العمل أو بسبب مشكلة أو أحقاد ناجمة عن العمل، فعلى سبيل المثال إذا اعتدى العامل على أحد مرؤوسيه بسبب مشكلة في العمل في الشارع مثلًا أو بعيدًا عن مكان العمل؛ فيكون من حق صاحب العمل فسخ عقد العامل المعتدي، وللتوضيح أكثر إذا اعتدى العامل على مديره بسبب مشكلة شخصية بينهما بعيدة عن العمل، ولكن كان اعتداء العامل أثناء وقت العمل وفي موقع العمل؛ فيكون من حق صاحب العمل فسخ عقد العامل المعتدي.

أما لو كان اعتداء العامل وقع منه بسبب مشكلة شخصية بينه وبين أحد رؤسائه أو المدير وبعيدًا عن مكان العمل؛ ففي هذه الحالة لا يكون من حق صاحب العمل فسخ عقد العامل، إلا أنه مما يتعين تسليط الضوء عليه أنه في هذه الحالة سيكون هناك صعوبة كبيرة جدًا في استمرار التعامل أثناء العمل بين العامل المعتدي وصاحب العمل أو المدير المسؤول وغيرهم ممن جرى الاعتداء عليهم، وسيظهر العديد من المشكلات التي قد تؤثر على سير العمل وجودته فيما بعد.

ومما يتعين التنويه إليه أنه بخلاف الشرط العام وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، ففي حال عدم توافر أي شرط من الشروط المنصوص عليها نظامًا في الحالة سالفة الذكر، وجرى فسخ العقد من جانب صاحب العمل؛ فيكون الفسخ غير مشروع، ويلتزم الأخير بتعويض العامل المفسوخ عقده وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا يجب استشارة مكتب محاماة مختص قبل اتخاذ قرار بفسخ عقد العمل دون إشعار أو تعويض، كما أنه إذا كنت عاملًا وجرى فسخ عقد عملك من جانب صاحب العمل بناءً على هذه الحالة؛ فيمكنك التأكيد من نظامية هذا الفسخ من عدمه عن طريق طلب استشارة.

الحالة الثانية: امتناع العامل عن أداء التزاماته الجوهرية

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية: 2. إذا لم يؤدِّ العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل أو لم يطع الأوامر المشروعة أو لم يراعِ عمداً التعليمات -التي أعلن عنها صاحب العمل في مكان ظاهر- الخاصة بسلامة العمل والعمال رغم إنذاره كتابة“، وهذه الحالة قد اشتملت على أكثر من صورة سمح فيها المنظم لصاحب العمل فسخ عقد العامل من جانبه فقط، ونشرح جميع هذه الصور تفصيلًا فيما يلي:

امتناع العامل عن أداء التزاماته الجوهرية

1- عدم أداء العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل: لقد سمح المنظم لصاحب العمل فسخ عقد العامل حال إخلاله بأي من التزاماته المترتبة على عقد العمل، وهذه الالتزامات تنقسم إلى نوعين:

– الالتزامات العقدية: وهي الالتزامات التي يكون منصوص عليها بشكل خاص في عقد العمل المبرم بين صاحب العمل وبين العامل سواء كان عقد العمل ورقي أو إلكتروني على منصة قوى، حيث تكون طبيعة عمل العامل تقتضي أداء التزامات خاصة محددة، وعدم أدائه هذه الالتزامات يؤدي إلى إخلال جسيم بالعمل أو أضرار جسيمة بصاحب العمل ذاته.

ومن أمثلتها: الالتزام بالحضور في أيام العمل وفي الوقت المحدد فيه بدء ساعات العمل من جانب صاحب العمل، الالتزام بالمحافظة على سرية المعلومات، والالتزام بعدم منافسة صاحب العمل.

– الالتزامات النظامية: وهي الالتزامات التي ترد في نظام العمل السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/08/1426هـ، وكذلك ما يرد في اللوائح التنفيذية الخاصة بهذا النظام، والتعاميم الصادرة من الوزارات والجهات الحكومية المعنية فيما يتعلق بتنظيم العمل.

ومن أمثلتها: الالتزام بالعمل لمصلحة صاحب عمل وتحت إدارته أو إشرافه، الالتزام بعدم العمل لدى صاحب عمل آخر أثناء سريان عقد العمل مع صاحب العمل الحالي، الالتزام بإنجاز العمل وفقًا لأصول المهنة ووفق تعليمات صاحب العمل، الالتزام بالاعتناء عناية كافية بالآلات والأدوات والمهمات والخامات المملوكة لصاحب العمل الموضوعة تحت تصرفه، الالتزام برد المواد غير المستهلكة المسلمة إليه إلى صاحب العمل، والالتزام بتقديم كل عون ومساعدة في حالات الكوارث والأخطار التي تهدد سلامة مكان العمل أو الأشخاص العاملين فيه.

– شرط الصفة الجوهرية للالتزام: فليس كل التزام -سواء كان عقديًا أو نظاميًا- لم يؤده العامل يخول صاحب العمل فسخ العقد، وإنما يتعين أن يكون هذا الالتزام جوهريٌ، أي الامتناع عن القيام به يترتب عليه تأثير كبير بالسلب على العمل أو صاحب العمل.

فعلى سبيل المثال إذا غاب العامل عن العمل لمدة يوم أو يومين على التوالي، أو تأخر عن الحضور في بداية الدوام لمدة ساعة أو ساعتين، أو امتنع عن القيام بأداء عمل ثانوي، فجميع هذه التصرفات لا تُعد من قبيل الالتزامات الجوهرية، والإخلال بها لا يخول صاحب العمل فسخ العقد، علمًا بأن تقدير صفة جوهرية الالتزام من عدمه ترجع إلى تقدير فضيلة القاضي حسب المعايير المتوافرة في كل حالة على حدة. 

2- عدم إطاعة الأوامر الصادر من صاحب العمل: لقد جعل المنظم عدم اطاعة العامل لأوامر صاحب العمل سببًا مشروعًا يخول الأخير فسخ عقد العمل من جانبه فقط، إلا أن المنظم قد اشترط في هذه الحالة أن تكون أوامر صاحب العمل مشروعة، أي لا تخالف أي من الأنظمة المعمول بها في المملكة أو أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.

فعلى سبيل المثال إذا أمر صاحب العمل العامل بإتلاف مال عائد لعامل آخر في المؤسسة فعدم اطاعة العامل أمر صاحب العمل هنا لا تخوله فسخ العقد؛ لأن الأمر الصادر منه غير مشروع.

ومما يجدر الإشارة إليه أنه كان يتعين فرض شروط إضافية في هذه الحالة تتمثل في أن تكون أوامر صاحب العمل مكتوبة وموقع عليها من جانبه بحيث تكون صادرة للعامل بشكل رسمي، بالإضافة إلى تحديد نطاق هذه الأوامر بما يتعلق بسير العمل ومصلحته فقط، وليس ترك الأوامر على سبيل العموم.

3- عدم مراعاة التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال: لا شك في أنه من الهام والضروري جدًا أن يراعي العامل التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال، وأن عدم مراعاته لهذه التعليمات قد يؤدي إلى أضرار جسيمة، ومن منطلق هذه الخطورة؛ فقد منح المنظم الحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل حال ثبت عم مراعاته للتعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال، إلا أن المنظم قيد هذا الحق بعدد من القيود تتمثل فيما يلي:

– تعمد العامل عدم مراعاة التعليمات: يتعين أن يثبت أن العامل قد تعمد عدم مراعاة التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال، فعلى سبيل المثال لو أشعل العامل سيجارة داخل مكان مغلق مكيف ممنوع فيه التدخين لكن دون أن يقصد ذلك وأن هذا وقع منه خطأً بسبب نسيانه؛ فلا يكون من حق صاحب العمل فسخ عقد هذا العامل حينها.

– أن تكون التعليمات معلن عنها في مكان ظاهر: فيتعين قبل محاسبة العامل على عدم مراعاة التعليمات؛ أن تكون هذه التعليمات معلن عنها في مكان ظاهر داخل موقع العمل، بحيث يكون العامل على علم كامل بجميع هذه التعليمات.

ولتوضيح الأمر أكثر فإذا دخل العامل غرفة معقمة دون أن يُجري التعقيم، ولكن لم يُعلن في موقع العمل عن أنه لا يجوز لأحد دخول هذه الغرفة إلا بعد تعقيمه، أو كان معلن عن هذه التعليمات في مكان غير ظاهر؛ فلا يجوز لصاحب العمل فسخ عقد العامل، وإذ جرى فسخ العقد يكون إنهاء غير مشروع.

– إنذار العامل كتابةً بمراعاة التعليمات: حيث يجب على صاحب العمل أولًا إنذار العامل كتابةً بمراعاة التعليمات الخاصة بسلامة العمل والعمال في المرة الأولى الذي يصدر منه مخالفة، وحال تكررت المخالفة مرة أخرى؛ فيحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل.

فعلى سبيل المثال إذا لم يراعِ العامل التعليمات الخاصة بعدم التدخين في موقع العمل، وجرى إنذاره كتابةً بعدم تكرار هذه المخالفة، ثم عاد وارتكب المخالفة ذاتها من جديد؛ فإنه يجوز لصاحب العمل فسخ عقد العامل من جانبه فقط.  

ومما يتعين التنويه إليه أنه بخلاف الشرط العام وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، ففي حال عدم توافر أي شرط من الشروط المنصوص عليها نظامًا في أي من الحالات المذكورة، وجرى فسخ العقد من جانب صاحب العمل؛ فيكون الفسخ غير مشروع، ويلتزم الأخير بتعويض العامل المفسوخ عقده وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا يجب استشارة مكتب محاماة مختص قبل اتخاذ قرار بفسخ عقد العمل دون إشعار أو تعويض، كما أنه إذا كنت عاملًا وجرى فسخ عقد عملك من جانب صاحب العمل بناءً على هذه الحالة؛ فيمكنك التأكيد من نظامية هذا الفسخ من عدمه عن طريق طلب استشارة.

الحالة الثالثة: اتباع العامل سلوكًا سيئًا، أو ارتكابه عملًا مخلًا بالشرف أو الأمانة

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 3. إذا ثبت اتباع العامل سلوكاً سيئاً، أو ارتكابه عملاً مخلاً بالشرف أو الأمانة“، فقد اشتملت هذه الحالة على صورتين، وذلك فيما يلي:

1- اتباع العامل سلوكًا سيئًا: وهو أن يصدر من العامل سلوك سيء بما لا يتوافق مع عادات وأخلاقيات مجتمعنا مثل أن يتحرش عامل بإحدى زميلاته في العمل سواء بالقول أو الفعل، أو أن يصور عامل أحد زملائه في العمل في وضع غير مناسب.

2- ارتكاب العامل عملًا مخلًا بالشرف أو الأمانة: ليس هناك معيار جامع مانع لتحديد هذا النوع من العمل المخل بالشرف أو الأمانة، إلا أنه يُمكن وضع تعريف عام بأنه كل عمل ينظر المجتمع إلى فاعله بعين الازدراء، ويرون أنه منحرف الأخلاق، وذلك مثل أن يسرق عامل من أغراض زميله في العمل، أو أن يبتز عامل أحد زملائه في العمل لتستر على خطأ في العمل قام الأخير به.  

ومن الجدير بالذكر أنه بخلاف الشرط العام وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فلم يُحدد المنظم أو يحصر حالات محددة للسلوك السيء أو العمل المخل بالشرف أو الأمانة، ولم يضع تعريف محدد لهذه الأفعال، ولم يُقرر شروطًا محددة قبل فسخ العقد، وترك الأمر لتقدير المحكمة حال جرى عرض النزاع عليها لتُقدر إذا ما وقع من العامل يُعد سلوكًا سيئًا أو عمل مخل بالشرف أو الأمانة موجب للفصل دون مكافأة أو إشعار أم أنه لا يُعد كذلك، وحال رأت المحكمة أن الفعل المستند إليه في فسخ عقد العمل لا ينطبق عليه وصف السلوك السيء أو العمل المخل بالشرف أو الأمانة؛ فتعتبر المحكمة آنذاك فسخ العقد أو الفصل من جانب صاحب العمل غير مشروع، ويستحق العامل التعويض حسب ما نصت عليه المادة 77 من نظام العمل.

وبناءً على ما سبق؛ يجب على كل صاحب عمل التأني والحرص واستشارة مكتب محاماة قبل فسخ عقد العامل بناءً على هذه الحالة، كما أنه إذا كنت عاملًا وجرى فسخ عقد عملك من جانب صاحب العمل بناءً على هذه الحالة؛ فيمكنك التأكيد من نظامية هذا الفسخ من عدمه عن طريق طلب استشارة.

الحالة الرابعة: ارتكاب فعل أو التقصير في العمل بقصد إلحاق خسارة بصاحب العمل

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 4. إذا وقع من العامل -عمدًا- أيُّ فعلٍ أو تقصيرٍ يقصد به إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل، بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه“، فقد أعطى المنظم في هذه الحالة الحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل دون تعويضه أو إشعاره أي من الصور الآتية:

1- ارتكاب العامل فعل يقصد منه إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل؛ مثل أن يتلف العامل متعمدًا آلة أو مكينة أو نظام عائد لصاحب العمل، وذلك من أجل الإضرار بالأخير وإلحاق خسائر مادية به.

2- تقصير العامل عن القيام بعمل بقصد إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل؛ مثل عدم تقديم العامل عرض الشركة في مناقصة، أو عدم فصل العامل الآلة في الوقت المحدد؛ مما تسبب في اتلاف المنتج أو اتلاف الآلة ذاتها وما إلى ذلك.  

وكل فعل ينطبق تحت هذا الوصف المذكور سابقًا يُجيز لصاحب العمل فسخ عقد العمل للعامل دون تعويضه أو إشعاره، إلا أن المنظم بخلاف الشرط العام وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فقد وضع المنظم عدد من الشروط يتعين توافرها أيضًا؛ لكي يكون فسخ العقد مشروعًا، وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:

ارتكاب فعل أو التقصير في العمل بقصد إلحاق خسارة بصاحب العمل

– تعمد العامل القيام بهذا الفعل أو التقصير: فيشترط توافر تعمد العامل أو قصده ارتكاب هذا العمل أو تقصيره عن القيام بالعمل، إلا أنه السؤال الذي يثار في الذهن حاليًا كيف يمكن إثبات تعمد العامل من عدمه؟! فالقصد أو النية محلها القلب وهي شيء معنوي لا وجود مادي له، إلا أن الظروف المحيطة بالواقعة وسجل العامل المهني يُمكن من خلالهما الوصول إلى توافر ركن القصد او العمد بحق العامل أم لا، هذا فضلًا عن أنه من الوارد أن يُقر العامل أو يعترف بأنه كان يقصد القيام بهذا الفعل، وبخلاف ذلك فتوافر شرط العمد أو القصد تحديدًا من عدمه متروك لتقدير المحكمة؛ لذلك وجب التأكد من توافر هذا الركن قبل فصل العامل وإلا كان فسخ العقد غير مشروع، وسيجد صاحب العمل نفسه مضطرًا لدفع تعويض عن الإنهاء حسب ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا ننصح دائمًا استشارة مكتب محاماة قبل فصل العامل بناءً على هذه الحالة.

– أن يتسبب فعل العامل أو تقصيره بخسائر مادية لصاحب العمل: فالمقصود بالخسائر المادية هي التي تلحق بالمال أو الآلات أو المنقولات الخاصة بصاحب العمل، أما إذا كانت خسارة صاحب العمل معنوية مثل الأذى النفسي وما إلى ذلك؛ فلا يحق لصاحب العمل فسخ العقد بناءً على هذه الحالة.

– إبلاغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه: وهو أن يتقدم صاحب العمل ببلاغ عما وقع من العامل إلى الجهات المختصة خلال مدة زمنية لا تزيد عن (24) ساعة من تاريخ علمه بالواقعة، وليس من تاريخ ارتكاب العامل الواقعة الموجبة للفصل.

وهذا الشرط هام جدًا ويتعين الالتزام به حتى يكون فسخ العقد مشروعًا، حيث إنه إذا ثبت تأخر صاحب العمل عن إبلاغ الجهات المختصة عن الواقعة المرتكبة من العامل لمدة تزيد عن (24) ساعة من تاريخ علم صاحب العمل بالواقعة ولو كان التأخير ساعة واحدة؛ فيكون فسخ العقد غير مشروع لعدم استيفاء الشروط المنصوص عليها حتى وإن توافر لدى صاحب العمل ما يثبت منه تعمد العامل ارتكاب عمل أو التقصير بقصد إلحاق خسائر مادية بصاحب العمل.

وأخيرًا دائمًا ما ننصح باستشارة مكتب محاماة قبل اتخاذ قرار فسخ العقد بناءً على الحالة سالفة الذكر؛ للوقوف على مدى تحقق الحالة من عدمه، ومدى توافر الشروط النظامية المنصوص عليها والمبينة تفصيلًا فيما سبق، وذلك حتى لا يضيع حق صاحب العمل، بل ويجد نفسه في الأخير مسؤول عن تعويض العامل، كما أنه إذا كنت عاملًا وجرى فسخ عقد عملك من جانب صاحب العمل بناءً على هذه الحالة؛ فيمكنك التأكيد من نظامية هذا الفسخ من عدمه عن طريق طلب استشارة.

الحالة الخامسة: ثبوت لجوء العامل إلى التزوير ليحصل على العمل

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 5. إذا ثبت أن العامل لجأ إلى التزوير ليحصل على العمل“، فقد منح المشرع الصلاحية لصاحب العمل فسخ عقد العامل دون إشعاره أو تعويضه حال ثبت تزويره أي من المستندات المقدمة من جانبه لحصوله على العمل، مثل أن يُقدم العامل شهادة تخرج مذكور بها أنه حاصل على تقدير “امتياز” وهو في الحقيقة حاصل على تقدير “جيد”، أو أن يُقدم العامل شهادة أنه حاصل على ماجستير أو دبلومة أو دورة تدريبية محددة مطلوبة في متطلبات العمل، وهو في الحقيقة لم يحصل على الماجستير أو الدبلومة أو الدورة التدريبية المذكورة في الشهادة المقدمة من جانبه.

ووجب التنويه إلى أن مجرد ثبوت عدم صحة المستند المقدم من جانب العامل لا يثبت معه قيام فعل التزوير في حقه؛ لأن جريمة التزوير تحديدًا لها أركان خاصة ولا يكفي توافر الركن المادي لها فقط لقيامها، بل يتعين توافر ركن سوء النية وركن الضرر من أجل ثبوت فعل التزوير بحق العامل، ويمكنكم الاطلاع على صور الركن المادي لجريمة التزوير، ومعرفة المقصود من ركن سوء النية، وكذلك مفهوم ركن الضرر بالنسبة لجريمة التزوير.

وبخلاف الشرط العام لفسخ العقد وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فلم يقرر المشرع شروطًا أخرى في هذه الحالة؛ لكي يكون فسخ العقد مشروعًا.

الحالة السادسة: تعيين العامل تحت الاختبار

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 6. إذا كان العامل مُعيَّنًا تحت الاختبار“، وهنا أعطى المنظم الحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل إذا كان قد جرى تعيينه تحت الاختبار، وهذه الحالة تحديدًا تخدم أصحاب العمل، وتعطيهم الحق في التعاقد مع العمال تحت الاختبار، بحيث إذا أثبت كفاءة وأطمئن صاحب العمل لجودة ما يقدمه العامل أثناء العمل أكمل التعاقد معه، أما إذا وجد صاحب العمل عدم جدوى من تشغيل هذا العامل وأنه ليس بالكفاءة المطلوبة؛ فيكون من حق صاحب العمل فسخ العقد من جانبه فقط دون تعويض أو إشعار العامل.

ولم يُحدد المنظم شروطًا خاصةً في هذه الحالة بخلاف الشرط العام وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا.

ويربط الكثيرون الحالة الخاصة بفترة الاختبار بفترة التجربة المنصوص عليها في المادة (53) من نظام العمل، إلا أنه لنا وجهة نظر في هذا الشأن تتمثل في أن غرض المنظم في ذكر هذه الحالة لم ينصرف إلى فترة التجربة، وتأتي وجهة النظر هذه من الاعتبارات الآتية:

1- إن المنظم ليس في حاجة إلى تكرار النص على فترة التجربة، خاصة أنه قد بين شروطها وتفاصيلها في المادة (53) من نظام العمل.

2- لم يُشر المنظم في حالة تحت الاختبار المنصوص عليها في المادة (80) إلى الإحالة للشروط الخاصة بفترة التجربة المنصوص عليها في المادة (53) من نظام العمل، بل جاءت حالة تحت الاختبار بدون أية شروط.

3- ويؤكد وجهة النظر المذكورة أن المنظم في حالة تحت الاختبار أعطى الحق لصاحب العمل فقط في فسخ العقد، ولم يرد في حالات المادة (81) الخاصة بجواز ترك العامل للعمل حالة تتعلق بوجود العامل تحت الاختبار، إلا أن في فترة التجربة أعطى المنظم الحق لصاحب العمل والعامل إنهاء العقد معًا إلا لو جرى النص على حق صاحب العمل فقط.

فجميع الاعتبارات والشواهد السابقة يظهر منها أن غرض المنظم في حالة وجود العامل تحت الاختبار لم يقصد منها فترة التجربة، وإنما قصد الحالة التي يجلب فيها صاحب العمل العامل ويضعه لمدة محددة تحت الاختبار دون إبرام عقد عمل؛ ليقف صاحب العمل على مدى كفاءة العامل والتزامه، وإذا ما كان يستحق إبرام عقد عمل معه أم لا.

وبالرغم مما سبق؛ فإن وجهة النظر المذكورة قد تكون غير صحيحة، إلا أنه مما يتعين وضعه في الاعتبار أن المنظم لم يضع شروطًا أو مفهومًا محددًا لما يقصده من تعيين العامل تحت الاختبار، ولو افترضنا أن المنظم يقصد من هذه الحالة فترة التجربة فيتعين إضافة الحالة ذاتها في المادة (81) من نظام العمل مع النص على التقيد والالتزام بالشروط المنصوص عليها في المادة (53) من نظام العمل الخاصة بفترة التجربة.

اقرأ عن/ المادة 81 من نظام العمل.

ومراعاةً لجميع الاحتمالات؛ فيتعين معرفة الشروط الخاصة بفسخ عقد العمل من جانب صاحب العمل في فترة التجربة، إذ تتمثل هذه الشروط فيما يلي:

– وجوب النص صراحةً في عقد العمل على خضوع العامل لفترة تجربة.

– ألا تزيد فترة التجربة عن مدة قدرها تسعون يومًا إلا إذا وجدَ اتفاق مكتوب على زيادة فترة التجربة بحيث لا تزيد مدة فترة التجربة بالكامل عن (180) يومًا.

الحالة السابعة: تغيب العامل دون سبب مشروع

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…:7. إذا تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من ثلاثين يوماً خلال السنة العقدية الواحدة أو أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرين يوماً في الحالة الأولى وانقطاعه عشرة أيام في الحالة الثانية“، ومن الجليّ أن المنظم قد منح صاحب العمل الحق في فسخ عقد عمل العامل وفق ما نصت عليه هذه الحالة، التي تضمنت صورتين تمثلتا فيما يلي:

1- تغيب عن العمل دون سبب مشروع لمدة تزيد عن الثلاثين يومًا بشكل متقطع خلال سنة عقدية واحدة.

تغيب العامل دون سبب مشروع يكون حال عدم حضوره للعمل دون إذن صاحب العمل لمدة تزيد عن ثلاثين يومًا خلال السنة العقدية الواحدة؛ فيحق لصاحب العمل فسخ عقد العمل من جانبه فقط.

وهنا وجب تعريف السنة العقدية، حيث يمكن تحديد السنة العقدية لكل عامل من خلال تحديد التاريخ الفعلي لمباشرته العمل واحتساب مدة سنة من هذا التاريخ؛ لتكون هذه السنة العقدية الأولى للعامل وهكذا على مدار مدة عمله، فعلى سبيل المثال إذا كان التاريخ الفعلي لمباشرة العامل العمل 01/01/1442هـ، إن السنة العقدية الأولى له تتمثل في الفترة من تاريخ 01/01/1442هـ إلى تاريخ 30/12/1442هـ، والسنة العقدية الثانية تتمثل في الفترة من تاريخ 01/01/1443هـ إلى تاريخ 30/12/1443هـ، والسنة العقدية الثالثة تتمثل في الفترة من تاريخ 01/01/1444هـ إلى تاريخ 30/12/1444هـ وهكذا، فإذا ثبت غياب العامل دون سبب مشروع أكثر من ثلاثية يومًا خلال أي فترة من الفترات المذكورة باعتبارها السنة العقدية بالنسبة لهذا العامل؛ فيكون من حق صاحب العمل فسخ عقد العمل من جانبه فقط دون تعويض أو إشعار العامل.

ويثور التساؤل هنا هل من حق صاحب العمل فسخ عقد العامل إذا غاب دون سبب مشروع خلال السنة العقدية الواحدة ثلاثون يومًا فقط؟! فالإجابة لا، حيث إن المنظم اشترط أن تكون مدة الغياب أكثر من ثلاثين يومًا.

2- تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من خمسة عشر يومًا متتاليًا

وفي هذه الصورة إذا تغيب العامل عن العمل لفترة تزيد عن خمسة عشر يومًا متتالية دون سبب مشروع سواء في سنة عقدية واحدة أو جاءت هذه الفترة في نهاية سنة عقدية ومع بداية سنة عقدية جديدة؛ فيظل من حق صاحب العمل فسخ عقد العمل من جانبه فقط دون تعويض أو إشعار العامل.

وهنا يثور تساؤل هام ماذا إذا تغيب العامل لمدة خمسة عشر يومًا متتالية فقط دون سبب مشروع، فهل يحق لصاحب العمل فسخ العقد؟! ونجيبكم عن هذا السؤال بأنه لا يحق لصاحب العمل فسخ العقد في هذه الحالة، إذ اشترط المشرع أن تكون مدة غياب العامل تزيد عن خمسة عشر يومًا متتاليًا.

وبخلاف الشرط العام لفسخ العقد وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فقد قرر المنظم عدد من الشروط في هذه الحالة؛ لكي يكون فسخ العقد من جانب صاحب العمل مشروعًا، وتمثلت هذه الشروط فيما يلي:

– أن يكون غياب العامل دون سبب مشروع؛ أي بدون إذن صاحب العمل ودون توافر سبب مشروع للعامل يُجيز له الغياب مثل مرضه بشكل مفاجأ مع تقديم شهادة طبية معتمدة، ومراعاة شروط الإجازة المرضية المنصوص عليها نظامًا، أو حدوث ظرف مفاجأ للعامل أو قوة قاهرة منعته من الحضور للعمل، مع تقديم ما يثبت منه ذلك، والشاهد أنه ما دام لم يُقدم العامل ما يثبت منه توافر سبب مشروع لغيابه؛ فيكون الغياب دون سبب مشروع.

– إنذار العامل كتابةً قبل فسخ عقد العمل؛ حيث اشترط المنظم ضرورة إنذار العامل كتابةً قبل فصله من عمل، على أن يوجه الإنذار في الصورة الأولى (الغياب لمدة ثلاثين يومًا بشكل متقطع) بعد تجاوز غياب العامل مدة عشرين يومًا بشكل متقطع خلال السنة العقدية الواحدة، أما الصورة الثانية (الغياب لمدة خمسة عشر يومًا متتاليًا)؛ فيتعين على صاحب العمل توجيه إنذار إلى العامل بعد انقطاعه عن العمل لمدة عشرة أيام متتالية.

ويتعين أن يكون الإنذار الكتابي المرسل للعامل مدون فيه بيانات العامل ومدة غيابة تحديدًا مع ذكر الأيام التي غاب فيها تحديدًا إذا كانت فترة غيابه متقطعة، أو تحديد فترة العشرة أيام التي انقطع فيها عن العمل تحديدًا في حال كان غيابه لفترة متتالية، ويمكنك طلب نموذج إنذار كتابي بالغياب

ووجب التنويه إلى أن تحديد مدى مشروعية سبب الغياب من عدمه ترجع إلى تقدير المحكمة العمالية، وإذا وجدت المحكمة أن أي من الأيام التي غاب فيها العامل خلال المدة المستند إليها في فسخ العقد بسبب مشروع؛ فيكون فسخ العقد غير مشروع، ويلتزم صاحب العمل بتعويض العامل وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا وجب استشارة مكتب محاماة مختص لإفادتكم بمدى مشروعية سبب غياب العامل من عدمه، وإذا ما كان فسخ عقد العمل وفق هذه الحالة متوافق مع شروط المنظم أم لا.

الحالة الثامنة: استغلال العامل مركزه الوظيفي بطريقة غير مشروعة

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 8. إذا ثبت أن العامل استغل مركزه الوظيفي بطريقة غير مشروعة للحصول على نتائج ومكاسب شخصية“، فقد أعطى المنظم الحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل إذا ثبت أن العامل استغل الوظيفة التي يعمل بها بطريق غير مشروع من أجل تحصيل مكاسب شخصية، ولم يُحدد المنظم تعريف محدد للمكاسب الشخصية أو يحصرها، إلا أن كل ما يُمكن للعامل تحصيله ويكون عائد له بشكل شخصي مثل الحصول على مال زائد عن راتبه أو الحصول على ترقية أو الحصول على بضائع وبيعها لمصلحته، أو الحصول على أجهزة أو مواد أو منتجات لاستغلالها بشكل شخصي، فكل هذا يدخل من ضمن المكاسب الشخصية.

وبخلاف الشرط العام لفسخ العقد وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فقد اشترط المنظم في هذه الحالة إثبات استخدام العامل طريق غير مشروع للحصول على المكاسب الشخصية، والطريق غير المشروع له صورة لا حصر لها، إلا أنه ما يتعين الوقوف عليه هو ضرورة أن يكون لدى صاحب العمل ما يثبت منه وقوع هذا الفعل من جانب العامل وحصوله على مكاسب شخصية، إذ يقع عبء الإثبات هنا على صاحب العمل.

بحيث إذا فسخ عقد العمل من جانبه فقط مستندًا إلى هذه الحالة، ولم يكن تحت يده مستند أو دليل يثبت منه استغلال العامل وظيفته بطريق غير مشروع للحصول على مكاسب شخصية؛ فيكون حينها فسخ العقد غير مشروع، ويلتزم صاحب العمل بتعويض العامل عن الفصل غير المشروع وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا وجب استشارة مكتب محاماة مختص لإفادتكم بمدى مشروعية فسخ عقد العامل استنادًا للحالة المذكورة من عدمه.

الحالة التاسعة: إفشاء الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل

لقد نصت المادة (80) من نظام العمل على أنه: “لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل، أو إشعاره، أو تعويضه؛ إلا في الحالات الآتية…: 9. إذا ثبت أن العامل أفشى الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل الذي يعمل فيه“، فلا خلاف على أن هناك الكثير من الوظائف التي يطلع فيها العامل على الأسرار الصناعية والتجارية الخاصة بصاحب العمل، ونظرًا لأهمية الحفاظ على هذه الأسرار، وأنه لا يتصور أن يقوم العامل بإفشائها للعامة سواء بقصد أو بدون قصد؛ فقد منح المشرع الحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل إذا ثبت إفشاءه الأسرار الصناعية والتجارية الخاصة بصاحب العمل.

 وبخلاف الشرط العام لفسخ العقد وهو منح الفرصة للعامل ابداء أسباب معارضته على الفسخ الذي سيأتي شرحه لاحقًا، فلم يضع المنظم أي شروط تتعلق بهذه الحالة، وتركها عامةً دون قيد أو شرط، حتى أن المنظم لم يشترط توافر قصد أو تعمد العامل إفشاء أسرار صاحب العمل، وهذا التوجه يرجع إلى مدى أهمية محافظة العامل على الأسرار الصناعية والتجارية لصاحب العمل، ومن منطلق هذه الأهمية فقد أجاز المنظم لصاحب العمل إلزام العامل بالمحافظة على سرية المعلومات والأسرار التي اطلع عليها أثناء عمله حتى بعد انتهاء مدة العمل لدى صاحب العمل، وذلك وفق ما نصت عليه المادة (83) من نظام العمل، وما تضمنته من ضوابط.

هذا ومما تجدر الإشارة إليه أنه يتعين أن يتوافر لدى صاحب العمل مستند أو دليل يثبت منه قيام العامل بإفشاء أسرار العمل؛ لكي يكون فسخ العقد مشروعًا، حيث إن الإثبات يقع على صاحب العمل في هذه الحالة، وإلا إذ قرر صاحب العمل فسخ عقد العمل مستندًا إلى هذه الحالة دون أن يكون لديه ما يثبت منه تحققها؛ فيكون فسخ العقد غير مشروع، ويلتزم صاحب العمل بتعويض العامل وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل؛ لذا وجب استشارة مكتب محاماة مختص لإفادتكم بمدى مشروعية فسخ عقد العامل استنادًا للحالة المذكورة من عدمه.

شرط السماح للعامل بإبداء أسباب معارضته لقرار فسخ عقد العمل

يُعد هذا الأمر شرطًا أساسيًا لمشروعية فسخ عقد العمل من جانب صاحب العمل دون تعويضه أو إشعاره مستندًا إلى أي من الحالات المنصوص عليها في المادة (80) من نظام العمل.

علمًا بأنه في حال فسخ عقد عمل العامل استنادًا إلى أي من الحالات الواردة في المادة (80) من نظام العمل دون التحقيق مع العامل؛ فيكون فسخ العقد غير مشروع، ويستحق العامل التعويض وفق ما نصت عليه المادة (77) من نظام العمل، وذلك وفق ما وردَ في المبدأ القضائي المرفق

شرط السماح للعامل لإبداء أسباب معارضة العامل

ويمكن تحقيق هذا الشرط أو الضابط عن طريق التحقيق مع العامل في الحالة التي ثبت لصاحب العمل تحققها قبل اتخاذه قرار بفسخ عقد العمل، ويُشترط وجود تحقيق كتابي مع العامل حتى يكون بينة لدى صاحب العمل على تحقق الشرط المذكور، ويمكنك طلب نموذج محضر تحقيق.

ومن الوارد أن يمتنع العامل عن إجراء التحقيق معه؛ فحينها يتعين توقيع العامل كتابةً برفضه إجراء التحقيق، وإذا رفض تدوين ذلك؛ تعين مخاطبته رسميًا من خلال المراسلة المعتمدة في عقد العمل المبرم بين الطرفين، وطلبه للتحقيق خلال مدة يومين، وأنه في حال عدم رده أو عدم حضوره للتحقيق يُعد رفضًا ضمنيًا من جانبه إجراء التحقيق، وفي حال اتخاذ هذه الإجراءات يكون فسخ العقد من جانب صاحب العمل حينها مشروعًا.

موضوعات عمالية ذات صلة:

اترك تعليقًا